Ad

هذا التدوير لم ينجح حتى في فك «عُقد» الملفات الساخنة التي كانت أساس الأزمة السياسية الأخيرة، فمحاور استجواب وزير العدل والأوقاف، وكذلك التهم الواردة في استجواب وزير المالية، والمشاكل المترتبة على عدم تطبيق قوانين الرياضة، وملف التحقيق في قضية «الأهرام»، وغير ذلك من الملفات الساخنة لا تزال «طرية» ومفتوحة أمام كل الاحتمالات، وخصوصاً في ظل توريثها لوزراء جدد يفتقرون إلى الخبرة السياسية والاحتكاك بمجلس الأمة.

التشكيلة الحكومية الجديدة حملت في طياتها كل مقومات الضعف، بل وفشلت، حتى على مستوى القدرة، في اللجوء إلى أسلوب التكتيك السياسي لامتصاص الحالة العارمة من عدم الرضا في صفوف أعضاء مجلس الأمة والمراقبين السياسيين وشارع الصحافة وانتهاءً بالرأي العام الكويتي، فلم تتمكن بعض المحاولات الخجولة لتبرير دستورية تدوير الوزراء المستجوبين أو من كانوا على قائمة الاستجواب، من زحزحة القناعة الراسخة بأن الحكومة أقدمت عملياً على محاولة الالتفاف على الدستور، وتفريغ حق الرقابة الشعبية من محتواه، والتعالي على واجب الخضوع للمساءلة السياسية وبشكل مكشوف في سابقة أجمعت الكتل البرلمانية المختلفة على عدم السماح لها بالمرور، بل وفتحت على نفسها باب المواجهة المباشرة مع سمو رئيس الوزراء، الأمر الذي لا محالة سينذر بعدم قدرة الحكومة برمتها على الصمود أمام أي مطبات سياسية قادمة.

وما يزيد الوضع سوءاً أن عملية التدوير والتعديل، في حد ذاتها، وإن فتحت جبهات سياسية جديدة على الحكومة، هي الأصعب من نوعها، إلا أن هذا التدوير لم ينجح حتى في فك «عُقد» الملفات الساخنة التي كانت أساس الأزمة السياسية الأخيرة، فمحاور استجواب وزير العدل والأوقاف، وكذلك التهم الواردة في استجواب وزير المالية، والمشاكل المترتبة على عدم تطبيق قوانين الرياضة، وملف التحقيق بقضية «الأهرام»، وغير ذلك من الملفات الساخنة لا تزال «طرية» ومفتوحة أمام كل الاحتمالات، وخصوصاً في ظل توريثها لوزراء جدد يفتقرون إلى الخبرة السياسية والاحتكاك بمجلس الأمة، كما أن استمرار بعض وزراء التأزيم، وفي مقدمتهم وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي التي تلقى استياءً واسعاً على مستوى القطاعات التربوية ومؤسسات التعليم العالي، اضافة الى الغالبية النيابية في مجلس الأمة، هو ما يزيد الطين بلة على الحكومة.

وأخيراً، فإن أسلوب التدوير الواسع، الذي شمل أكثر من نصف أعضاء الحكومة، قد عزز مفهوم ضعف السلطة التنفيذية، ولكن هذه المرة بوزرائها أنفسهم الذين قبلوا أن يُعاملوا كما لو كانوا قطعاً في رقعة شطرنج يُنقلوا من مواقعهم بهذه السهولة، كما عكس ذلك القلق وعدم الاطمئنان إزاء قدرة هؤلاء الوزراء أو جرأتهم في إبداء الرأي بحرية وشفافية في القرارات المصيرية لمجلس الوزراء.

وقد اختزلت معظم هذه المؤشرات الدالة على ضعف الحكومة خلال جلسة افتتاح مجلس الأمة، حيث بدّت بلا حول ولا قوة في مجاراة النواب عبر لقاء على الهواء مباشرة شاهده الجميع، ولم تملك الحكومة رغم ظهورها بمنظر «يكسر الخاطر»، أي مقومات أو قدرات مقنعة قد تشجع حتى أنصارها ومؤيديها على الدفاع عنها لاحقاً.

وإذا كانت تسمية «حكومة الحل» قد أطلقت على التشكيلة الوزارية الحالية، فإن ذلك يعني أنها لن تصمد أمام المجلس، ويكون الرهان، في حالة حل البرلمان، لمصلحة النواب الحاليين، ولاسيما نواب المواجهة، كما ستكون الفرص المواتية للمرشحين الجدد الذين يسيرون على الشاكلة نفسها أكبر من غيرهم. وإزاء هذه المعطيات سوف تشهد أي انتخابات مبكرة مجلساً أقوى وحكومة أضعف، وهكذا تستمر الحكومة حتى القادمة في حمل الصفة ذاتها بأن تكون «مسكينة أيضاً»!!