بس سنة؟!

نشر في 31-10-2007
آخر تحديث 31-10-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

نحن على مبعدة 249 يوماً من العالم الأول، وحينئذ ستكون فترة السنوات العشر التي يقضيها المواطن بانتظار بيت الحكومة نكتة نتبادلها على مقاهي شاطئ الصبية، ونحن نتفيأ تحت ظلال ناطحات السحاب.

فرحت جداً باستمهال سمو رئيس مجلس الوزراء أعضاء مجلس الأمة، مدة ثلاثة شهور إلى سنة لأعضاء حكومته الجديدة - القديمة، حتى يتسنى لهم العمل، فهذه الدعوة تعكس إيمان الحكومة بأهمية الوقت، وتبين الحرص الرسمي على سرعة الإنجاز.

دعونا نرَ، الكويت ستتحول إلى مركز مالي عالمي، ومُقدِمة على تنفيذ مشروع مدينة الحرير، وتعاني في الوقت نفسه من عمالة هامشية تنهش اقتصادها، وبطالة مقنّعة بين مواطنيها، أما مستشفياتها فحالها كما مدارسها، وشوارعها أشبه بمثيلاتها في الدول النائية، ولن أتحدث عن الكهرباء المحتمل انقطاعها في أي لحظة، أو أنغّص عليكم باسطوانة الروتين الحكومي، وأيضا لن أعرج لا على البريد ولا مستوى خدمات الدولة المتردية، ومؤكد أنني سأتجاوز الانهيار الرياضي والثقافي الذي بلغناه، والفساد الذي نخرنا حتى بتنا نخشى على أنفسنا من التلوث.

السنة عبارة عن تركيبة من اثني عشر شهراً، تتوزع على 52 أسبوعاً وتحتوي مجتمعة 365 يوماً في الأعوام العادية، و366 في الأعوام الكبيسة التي تتكرر كل أربع سنوات، تعطل الدولة منهم يومين كل أسبوع، ما يعني وجوب حذف 104 أيام، كما توقف نشاطها رسمياً في مناسبات العيدين الوطني والتحرير، الإسراء والمعراج، المولد النبوي، ورأسي السنة الهجرية والميلادية ليوم واحد عن كل منهما، أي بحصيلة 6 أيام يضاف إليها ثلاثة أيام عن عيد الفطر وأربعة عن عيد الأضحى، ما يعني أننا أمام 248 يوم عمل فعلياً أو 249 على أبعد تقدير.

إذن نحن على مبعدة 249 يوماً من العالم الأول، وحينئذ ستكون فترة السنوات العشر التي يقضيها المواطن بانتظار بيت الحكومة نكتة نتبادلها على مقاهي شاطئ الصبية، ونحن نتفيأ تحت ظلال ناطحات السحاب، مستذكرين الزحمة المرورية التي كانت تخنقنا، ونتندّر على الخبراء والمستشارين العالميين الذين ملؤوا ديرتنا بحثاً عن عمل، بعد أن تحولت الكويت إلى مركز مالي عالمي يجذب أموال المستثمرين كما المغناطيس.

صدقوني لو كنت «أمون» على القوى السياسية واللاعبين الأساسين في المجلس، لقبّلت أنوفهم و«أكتافهم» أن يطبقوا دعوة سمو الرئيس، فالبلد فعلاً ملَّت الصراع، والحكومة حريصة على الوقت بدليل تشكيلها في يوم واحد، وهذه ليست أول مرة تعدنا بشيء، وسبق لها أن وعدت وأوفت، وإن كنت لا أتذكر متى كان ذلك، لكن هل يستمعون إلى دعوة مواطن بسيط مثلي يريد الرفعة لبلاده «اليوم قبل باجر»؟!

***

على الهامش

سألت أحد أصدقائي عن موعد انتهائه من ترميم بيته القديم، فأجابني بأنه يحتاج إلى سنة تقريباً.

أعتقد أنه كان متفائلاً كعادته، حينما قال إنه يحتاج إلى «بس سنة!»

back to top