فشله!
«فشلة» حقاً أن يحتفل الشعب بحل مجلس الأمة ويرحب به نوابه، فلم يحدث في تاريخ الكويت أن يسعد أحد غير الحكومة بالحل، ولكنه أمر مفهوم ومتوقع تماماً بعد مستوى التفكير والحوار والتصريحات التي وصل إليها الكثير من أعضاء المجلس، والذي تضاعف أثره بتدني مستوى المعيشة وخدمات الدولة. السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا حدث؟ كيف انتهى بنا المطاف بسحب دعمنا ممن انتخبنا؟هنالك ثلاثة احتمالات: الأول، أن نكون قد أخطأنا في معايير الاختيار فركزنا على قضايا شكلية وخاصة، ونسينا المصلحة العامة والقضايا الاستراتيجية. الثاني، أن نكون قد خُدعنا وأن يكون المرشحون قد تظاهروا بعكس حقيقتهم في أثناء الحملات الانتخابية. أما الثالث، فهو أن نكون قد انتخبنا المرشح الأفضل ولكنه تغير بعد أن ملك الكرسي وتدفقت عليه الإغراءات والتحديات والضغوط. وقد يكون الواقع خليطاً من الاحتمالات الثلاثة.
المجلس القادم هو أمل الكويت الأخير في العودة إلى موقع الريادة الإقليمية والعالمية والرخاء الوطني، فيجب أن نضمن حسن الاختيار، وأن نبعد النو اب الفائزين في الانتخابات عن إغراءات السلطة والكسب السريع. فكيف يمكن ذلك؟الحل متعدد الجوانب، فيجب بادئ ذي بدء أن نحمي أنفسنا من إغراءات السلطة والكسب السريع فنبتعد عن مرشح الخدمات والصديق ومرشح العائلة أو القبيلة أو الطائفة، ونبحث عن القوي الأمين الذي سيضمن حقوق الكل من دون تعصب أو تفرقة. ثانياً، يجب أن نقوي ذاكرتنا السياسية، فمشكلة الكويتيين بشكل عام ضعف الذاكرة ونسيان التاريخ، فلابد أن نتذكر موقف الكل من جميع القضايا العامة والخاصة، المحلية والعربية والعالمية، ويجب ألا نغفر لأحد انتهاك الدستور أو القانون أو أساسيات حقوق الإنسان أو حتى قواعد الحساب والمنطق، وأن نسترجع كل تصويت وكل تصريح في قاعات المجلس وخارجه. فلا مكان في المجلس القادم للانتهازي والمراوغ وأنصاف المتعلمين.ثالثاً، لابد أن يعلن كل مرشح وضعه المالي قبل نتائج الانتخابات ليساءل: «من أين لك هذا» متى ما ظهرت عليه مظاهر الثراء المفاجئ؟ ولابد أن يوقّع كل مرشح على وثيقة قانونية تمنعه من طرح أي اقتراح غير قانوني أو غير دستوري، فقد رأينا في المجلس المنصرم أن القسم الدستوري لا يعني أي شيء للكثير منهم. فالذي لا يخاف ربه قد يخاف من طائلة القانون.الأهم أن نعي ونتأكد من وعي المرشحين بأن الكويت أمانة في أعناقنا جميعاً، وأن مستقبل أبنائنا وأحفادنا متعلق بهذا المجلس، فلا يمكننا أن نهبط إلى مستوى أقل مما وصلنا إليه، إذا مازلنا نحلم ببقاء الكويت خلال العقدين القادمين.وأخيراً نأمل أن يأخذ رئيس مجلس الوزراء القادم بنفس الشروط في اختيار وزارته، «إيد وحدة ما تصفّق»!