أول العمود:
أن تتمشى «المعزبة المتينة» في شارع المشي فهذا مفهوم، لكن أن «تجرجر» الخادمة «المصعوية» وراءها فهذا شيء غير مفهوم، كما أن غسل الخدم للسيارات من الفجر أيضاً صار ظاهرة... وكل هذا بـ 45 ديناراً، ومن دون كادر! *** أثناء وصفه لِكَمّ الإزعاج غير المبرر في بلدنا، أحصى الكاتب المعروف سمير عطاالله في عموده في صحيفة «الشرق الأوسط» عدد الكُتاب الصحافيين الكويتيين بـ200 كاتب... فاتصلت بجمعية الصحافيين للتأكد، وبشيء من المزاح قال لي أمين السر فيصل القناعي: لا تستغرب %50 من الكويتيين صاروا كتاباً! ورفع عدد عطاالله إلى حدود الـ300 كاتب، وهو رقم معقول إذا حُسب بواقع 10 كُتاب لكل صحيفة يومية، إضافة إلى المجلات الأسبوعية. الكل يريد الكتابة، حتى أن وزير المالية السابق أصبح أخيراً كاتب عمود! تطور مهنة الصحافة الكويتية يحتاج شروطاً ومتطلبات أجد أن أكثرها غير متوافر، وأكتب عن هذا الموضوع بعد فترة لا بأس بها من تعديل قانون المطبوعات الذي جاء –فقط– بحسنة التراخيص التي أنجبت 6 صحف مضافة إلى الخمسة «العتيجة»، وأصبح في متناول القارئ يومياً أكثر من 500 صفحة هي مجموع صفحات الـ11 جريدة، التي أكثر مواضيعها مكرر. سأرصد الملاحظات التالية للوضع الجديد: أولاً، وفيما يخص توسيع مساحة الحرية، فلا شيء تغير بسبب المحظورات التي بقيت من القانون القديم بما فيها الحبس، بل إن ما استجد هو زيادة الغرامات المالية، وإن كان سقف النقد مرتفعا بسبب طبيعة المجتمع الذي اعتاد على ذلك، فلم تعد الصحف التي اشتهر عنها النقد اللاذع سابقاً تحتكر هذه الميزة اليوم. ثانياً، نلحظ حيرة كثير من الناس من تدفق الصحف الجديدة التي تصل بالمجان إلى بيوتهم، والانطباع العام أن هذا الكم من الصحف لم يرتقِ بمستوى فنون التحقيق الصحفي والحوار والمقال عن المستوى الحاصل، وربما لا يتعدى التميز صحيفة أو اثنتان. ثالثاً، ولأن ارتباط مسألة الملكية بالإدارة واضح بالنسبة إلى الصحف، فقد ظهرت توجهات معظم الملاك على صحفهم من خلال المانشيتات الرئيسية أو كُتاب الأعمدة ومعايير اختيارهم. رابعاً، لا تزال مشكلة الصحافي الكويتي المدرب بارزة، وهي مشكلة منطقية لأن مخرجات كلية الإعلام لا تصب في الصحف لأسباب تتعلق بالأمن المادي والوظيفي، كما أن تقصير الصحف القديمة وجمعية الصحافيين في تأسيس دورات دائمة عزز هذه الظاهرة. خامساً، ان استمرارية بعض الصحف الحالية سيكون على المحك بعد 5 سنوات كتقدير عام، وهي مدة كافية لتقدير الجدوى الاقتصادية من تأسيس صحيفة، خاصة مع الارتفاع غير الطبيعي لرواتب الصحافيين التي جاءت بسبب المنافسة بين الملاك لتشغيل صحفهم، وقد ينشأ وضع تُباع فيه صحف لملاك آخرين، أو يغلق بعضها مستغلاً المهلة القانونية المؤقتة. سادساً، اتضح ارتباط رصانة بعض الصحف مع وجود ملاك محترفين للعمل الصحفي بالأصل، وهو ما هيأ لصحفهم الجديدة مكانة بين القراء. سابعاً، الاعتماد على الإثارة غير المبررة أصبح سمة من سمات الصحافة الكويتية، إضافة إلى الإغراق في الشؤون المحلية على عكس حال ما قبل التسعينيات، وتشكل العلاقة المتوترة بين مجلس الأمة والحكومة مادة رئيسية للصفحات الأولى، بينما ينكشف الضعف في العطلة البرلمانية. الخلاصة، ان ما تغير على الأرض هو زيادة كبيرة في عدد الصحف، وزيادة طفيفة في مهنيتها.
مقالات
الكويت تغرق... صحفاً!
12-12-2007