Ad

ما نشهده اليوم هو صناعة للتاريخ وليس مجرد انتخابات رئاسة أميركية اعتيادية. إذ كيف أصبح بإمكان أوباما كرجل أسود، وربما حتى لكلينتون كونها امرأة، الاقتراب الفعلي من المنافسة بهذه الصورة؟

ليس مهماً أن يفوز باراك أوباما بمنصب الرئاسة الأميركي في نوفمبر المقبل ويدخل البيت الأبيض، فالنتيجة قد تحققت، والتغير قد حدث، والرسالة قد وصلت. فأن يقترب رجل أسود في أميركا من المنافسة إلى هذه الدرجة بحد ذاته كان أمراً صعب التصديق قبل 20 عاماً، بل كان مستحيلاً قبل 50 عاماً. فما نشهده هو صناعة للتاريخ وليس مجرد انتخابات رئاسة أميركية اعتيادية.

ولكن كيف بدأت الحكاية؟ وكيف صار بالإمكان حدوث تحولات اجتماعية بهذه الجذرية؟ كيف أصبح بإمكان أوباما كرجل أسود، وربما حتى لكلينتون كونها امرأة، الاقتراب الفعلي من المنافسة بهذه الصورة؟

ومع أن الشرارة قد انطلقت عام 1955 في مدينة مونتغمري بولاية ألاباما، فإنني أميل إلى أنها قد سبقت حادثة ألاباما كثيراً من التداعيات، ربما بدأت المسيرة من خلال موسيقى «البلوز». ربما انطلق قطار الحرية في أميركا من ألحان موسيقى «البلوز» الحزينة. تلك الموسيقى التي فرضت شخصية مميزة فريدة للسود المحررين من العبودية حديثاً، لم يكن للسود موسيقى تذكر قبل «البلوز»، فقد كانت أغانيهم قبل ذلك عبارة عن أهازيج جماعية يرددها المزارعون في الحقول.. تحت قهر العبودية.. تساعدهم على تحمل الأذى والعنصرية. وهكذا جاءت موسيقى «البلوز» لتعبر لأول مرة عن الفردية المستقلة، إلا أن القاسم المشترك في تلك الموسيقى كان حزناً بعرض السماء وألماً بعمق البحر.

وهكذا، من أزقة ولاية تينيسي ونيو أورليانز تحول الحزن إلى شكل تعبير، وإبداع، وأصبح للعبيد النكرة شخصية فردية على أنغام «البلوز». وتم تسجيل أول أغنية «بلوز» على أسطوانة عام 1895 للمغني جورج دبليو جونسون وكانت بعنوان «الأغنية الضاحكة». وحتى الثلاثينيات كانت «البلوز» منتشرة فقط في أوساط السود حتى برز فيها نجوم مثل جرترود ديني، وبيسي سميث، وفكتوريا سبايفي، وبي بي كنغ فتجاوزت حدودها العرقية، وأصبحت تمثل نشاطاً تجارياً مربحاً بالنسبة إلى شركات الإنتاج.

ومع أن تباينا كان ملحوظاً في قبول السود في الحياة العامة والتعليمية بين الولايات الشرقية والشمالية والغربية من جهة، وولايات الوسط والوسط الغربي والجنوب من جهة أخرى، فإن الأجواء بعمومها ظلت تحافظ على عنصريتها... وللحديث بقية.

* كوسوفو.. حلم تحقق

وأخيراً... استقلت كوسوفو بأغلبيتها المسلمة وبدعم من الدول الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة. وتحقق حلم قديم بحق تقرير المصير لشعب كوسوفو. ولن يستطيع الذين يتصورون أن الدين والسياسة شيء واحد، فهم تلك المعادلة، فلم يكن للمسلمين ودولهم دور في ذلك. وستستخدم روسيا حق النقض الفيتو لمنع كوسوفو من الانضمام إلى الأمم المتحدة، كما كانت قد فعلت الشيء نفسه ضد انضمام الكويت للأمم المتحدة عام 1961، وعلى الكويت أن تعترف بالجمهورية الجديدة من دون تأخير.