البدو والشيعة... كلونا!
أول العمود: في الأعياد وفي غيرها من الأوقات تسعفنا شركة السينما الكويتية بأفلام جميلة تراعي جميع الأذواق فتكون ملاذاً لقضاء الوقت الممتع والمفيد، خصوصاً للذين لايملكون شاليهات!
*** نغمة نسمعها كثيراً ومنذ سنوات: الحضر يقولون إن «البدو» أو أبناء القبائل انتشروا في كل مكان في الدولة، والنغمة الأخرى تقال عن المواطنين الشيعة بأنهم يتركزون في مؤسسات بعينها، وأن أصواتهم بدأت تتعالى في طلب مايعتقدونه حقاً لهم. «البدو» يبررون «انتشارهم» بأن الحضر سيطروا تاريخياً على مفاتيح الإدارة والمال منذ عقود... وهكذا، «كل يحشّ بالثاني»! المشهد السابق أصبح عميقاً في أحاديث الكويتيين، وفي اعتقادنا المتواضع أن الكلام عن «مظالم» كل فئة يبدو في ظاهره تنافساً بين فئات وشرائح وطوائف اجتماعية ومذهبية، إلا أن صورة كهذه لن تكون معبرة عن الحقيقة أو ما هو موجود تحت الطاولة كما يقال. نحن أمام جهاز إداري ضخم تملكه الدولة، يعمل على حل مشكلة كل كويتي في البحث عن لقمة العيش من خلال الوظيفة الحكومية الآمنة، ويعتري هذا الجهاز الكثير من المشاكل من محسوبيات وبيروقراطية تجعل من مسألة التوظيف قضية سياسية واجتماعية في أحيان كثيرة، وهذا أهم عامل يغذي «أحاديث المظالم» التي أشرنا إليها في البداية، لاسيما إذا علمنا أن 3 في المئة فقط من الكويتيين يعملون في القطاع الخاص، وبـاقي الجيش: 322754 مواطناً يعملون لدى حكومة الكويت «الاشتراكية»! وثانياً، ولأن الحكومة تملك هذا الجهاز البيروقراطي المترهّل الذي توزع من خلاله الرواتب والهبات والمنافع، فإنه من الطبيعي – في ظل غياب المعايير- أن تتكالب كل فئة لنيل حصتها من الكعكة، والعبرة في النهاية، فالذي أكل أكثر صَمَتَ إلى حين، ومَنْ حصل على الفتات قال: «ظلمتوني». ومما يؤسف له أن هذا الوضع يتم بعلم الحكومة التي هي ربّ العمل الأكبر في الكويت. هذا هو أصل الحكاية!! لكن أين يكمن خطر الحديث عن الفرز الاجتماعي: حضر، بدو، شيعة وما إلى ذلك من تصنيفات طبيعية لا يخلو منها بلد في العالم؟ الخطر هو في تعامل مالك الثروة والجهاز الإداري مع تلك الشرائح التي أرى أن لها مسمى واحداً وهو: «كويتيون». فماذا تفعل الدولة اليوم؟ هي التي توظّف، وهي التي تختار للمناصب، وهي التي تحيل إلى التقاعد، وهي التي تدفن في المقابر وتوفر الكفن. في وضع كهذا، ولأن الحكومة ضالعة في «أحاديث الفرز الاجتماعي»، وتتعاطى معه في كثير من الأحيان ضمن لعبة سياسية-اجتماعية بتقريب طرف ضد آخر وبحسب الجو وموازين القوة، مما يولد شعوراً بعدم سيادة القانون، فإن الانطباع المتولّد لدى الشرائح المغبونة مفاده الآتي: مادام القانون لم ينصفني فالبديل رفع الصوت، وهذا ما نشاهده فعلاً في مجلس الأمة الذي هو مرآة دقيقة تعكس ما نتحدّث عنه. وقد لانكون مبالغين إن قلنا إنّ المواطن اليوم لا تجده يشعر بوجود الدستور ومعه كثير من القوانين التي ضعف تطبيقها. أرى، كخلاصة، أن وجود البدو والحضر والشيعة وغيرهم مفيد للكويت في حالة واحدة وهي أن نعرف جميعاً، وأولنا الحكومة «نوتة» القانون والدستور، لأنها تحمل أجمل الألحان!