«بكل بساطة... نريده أن يستكمل جهوده في الاهتمام بالبيئة»... هذا ما قاله مجموعة من الناشطين البريطانيين في مجال البيئة، بعد سؤالهم عن آرائهم بتسلم الشاب ديفيد ميليباند حقيبة الخارجية اخيرا، بعد أن كان وزير الدولة لشؤون البيئة في بريطانيا.

Ad

اتجهت المنظمات الدولية بأنواعها منذ أوائل هذا القرن إلى وضع العديد من المعاهدات لحشد الجهود الدولية لمعالجة القضايا ذات العلاقة بالبيئة، وبإلقاء نظرة سريعة على أبرز المعاهدات نجد أن مواضيع عدة تناولتها الاتفاقيات كالتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر الذي سرق الأضواء في مؤتمر «ريو دي جانيرو» عام 1992، ومنع تلوث البحار بالنفط، وحماية البحار بأنواعها من التلوث كـ «اتفاق برشلونة»، و«اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية» الموقعة عام 1978، ومعاهدات أخرى تدعو الى الحفاظ على الطيور المهاجرة بأنواعها والحيوانات المهددة بالانقراض، وأخرى تعنى بحماية طبقة الأوزون، وغيرها من الاتفاقيات والبروتوكولات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي التي تهتم بحماية البيئة والحفاظ عليها نظيفة وملائمة لحياة الإنسان.

أقول ذلك بعد متابعتي اخيرا لورشة عمل في إحدى الجامعات بلندن دارت حول جهود الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على البيئة، ومن خلالها أجمع مشاركون على أهمية انتقال الدول الأوروبية التدريجي من طور المحافظة على الموارد إلى البناء المتكامل للمنظومة البيئية، وتوجيه البرلمان الأوروبي إلى حصر الجهود نحو التشريع البيئي، واستعرض الباحثون تكاتف جهود جماعات الضغط في أوروبا نحو تضمين المسائل البيئية في الدساتير والمواثيق في دولهم وترسيخ معايير ومستوى الجودة في التشريعات وتقويم الأثر البيئي كمعيار لضبط إقامة المشاريع الصناعية.

أما إذا نظرنا إلى جهود الدول العربية في ذلك المجال، فسنجد أن التشريعات المعنية بالبيئة مازالت بعيدة كل البعد عن الهواجس البيئية المحلية والدولية معاً، من مخاطر التلوث الإشعاعي وتحجيم الانبعاثات الكربونية وازدياد الرقعة المتصحرة واختفاء الغطاء النباتي، وغيرها من القضايا. وهنا يبرز على السطح غياب المعالجة التشريعية والقصور في الإعلام البيئي وتحجيم دور الجماعات الناشطة في المجال البيئي.

ويقال إن أحلام النشطاء البيئيين في الوصول إلى مفهوم «المدينة المثلى»، ستتحقق قريباً في شانغهاي ومن بعدها

أبوظبي، وهما مدينتان تسعيان حالياً إلى بناء ما يسمى بالمدن السكنية الحديثة الخالية من الانبعاث الكربوني التي تطبق التدوير الأمثل للنفايات. ومن يدري؟ قد تستفيد دول الخليج من تلك التجربة.

ومع تصاعد بروز قضايا البيئة عالمياً وإقليمياً على نحو جدي، يبقى المطلوب منا هو الوضوح في النصوص المتعلقة بالبيئة والتخلص من ازدواجية عمل المؤسسات المختصة بشؤون البيئة واستقلاليتها، وتشجيع الكوادر المحلية المتخصصة في العمل البيئي للعمل في المؤسسات المعنية بشؤون البيئة لأننا بحاجة إلى مرجعية علمية وإدارية سليمة.

وهنا ينبغي أن نعي أنه الآن، بعد أن أصبح موضوع البيئة محوراً من محاور السياسة الخارجية للعديد من الدول، لم يعد كافياً الانضمام الى الاتفاقيات، إنما يتعين الالتزام باتخاذ التدابير التشريعية والتنظيمية والإدارية لتنفيذها.

كلمة أخيرة:

سألني أحد الزملاء عن سر اختياري لجامعة صغيرة، على حد تعبيره، وخارج نطاق «رادار» وزارة التربية لدراسة العلاقات الدولية، فأجبته بكل بساطة أن هناك قرارات كالتعليم والانتخاب، شخصية ولا أحبها أن تخضع لوصاية من أحد.