لبيروت... من قلبي سلام
لبنان... تلك الحالة الخاصة في عالمنا العربي، وهذا البلد الذي تسكنه الطوائف العديدة... لبنان المتشابك المصالح مع المحاور الإقليمية والدولية... تارة يصبح شأناً أجنبياً، ينتظر استيراد حلٍّ من الخارج، وتارة أخرى يعود ملفه إلى طاولة الوزراء العرب، لتنضج تسوية منتظرة، عربية «مية بالمية»، ثم يصبح أزمة مستعصية «مية بالمية» أيضاً.لبنان أيضاً كان موضوعاً للتنازع الدبلوماسي و«العداوة» بين واشنطن وباريس، قبل عدة أعوام، ثم أصبح وسيلة للتقارب و«المحبة» الآن.
ومن واقع متابعتي للإعلام اللبناني، أرى اختلافاً متبايناً، برز أخيراً، بين محترفي التحليل السياسي، فمنهم من يرى استمتاعاً سورياً بفشل المبادرات الفرنسية والأميركية معاً، ومنهم من يقرأ أهدافاً بعيدة المنال للقوى السياسية، تتمثل بجمع السلطات الثلاث: رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والقرار الفاعل في الحكومة... وبعضهم الآخر يضع اللوم على الدور الإسرائيلي في تعميق الأزمة، وذلك من خلال الحرب التي شنتها على لبنان في يوليو 2006... والانقسام الذي أحدثته في الصفوف.وأما «عمرو موسى»، فكان الله في عونه مبعوثا للجامعة، مازال «عمرو»، على الرغم من تحمله قذائف اليأس والإحباط التي تتناوله إبان كل زيارة، يستعجل العودة إلى بيروت لإيمانه وإصراره بأن لبنان مسؤولية عربية، وقد جمع أخيراً في جلسة داخل البرلمان أقطاب الحوار السياسي اللبناني... فجمع الحريري زعيماً لـ«المستقبل» صديق الغرب، والجميل زعيماً لـ«الكتائب» ورئيساً لبنانياً سابقاً مناهضاً لسورية، وعون رئيسا لكتلة التيار الوطني الحر وزعيما مسيحياً معارضاً... كان اجتماعاً رباعياً، استهدف كسر الجمود، والاقتراب من تطبيق المبادرة العربية وترشيح قائد الجيش العماد ميشيل سليمان لمنصب الرئاسة الذي مازال معلقاً بسبب الخلاف على شكل الحكومة. الحرب الكلامية مستمرة بين الفرقاء، وموسى لن يتغلب على «طوفان» المبادرة العربية، أما الخسائر الاقتصادية... فحدّث ولا حرج، فخسائر المواجهه العسكرية عام 2006 تم تقديرها بـ 6.3 مليارات دولار وخسائر أزمة الاستحقاق الرئاسي الحالية لا يمكن التعبير عنها بالأرقام... فالتظاهرات لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة تكفي لتدل على صعوبة الأوضاع الاقتصادية، على الرغم من تعهد الدول المانحة بتقديم ما يزيد على مليار دولار لمساعدة لبنان لإعادة بناء ما دمرته إسرائيل، وتعهدها لاحقا في يناير 2007 بمنح لبنان 5.7 مليارات دولار لمشاريع التنمية... ودعم الموازنة بشرط إحراز تقدم في الإصلاح المالي.خلاصة القول: يخشى الكثيرون من انفلات الأوضاع الأمنية وانطلاق شرارة حروب أهلية في ظل حالة الاحتقان السياسي بين الفرقاء... في زمن إفساد مساعي الحل... أقول ذلك بعد أن طرحت سؤالا خلال الأيام القليلة الماضية على عدد من السياسيين ومتابعي الشأن اللبناني... خاصاً بنجاح مساعي الأمين العام، وجاءت النتيجة كالتالي: «تدويل... تدويل... تدويل»، وذلك في ظل الكسوف السياسي و«دبلوماسية الفتن» التي تشهدها المنطقة.***كلمة أخيرة: سؤال طرحته نيويورك تايمزعلى صفحتها الإلكترونية: «هل تؤيد حرية التدوين الإلكتروني أم إخضاع المدونين لمواثيق إعلامية خاصة»؟ وأنا بدوري أطرحه على القارئ العزيز.