الدور الإيراني...بين الحقيقة والوهم!
كيف تتحول القضية العراقية بين ليلة وضحاها إلى مجرد ساحة صراع أميركي إيراني على النفوذ! وهي الساحة التي أريد لها أساسا أن تكون منطلقا للانقضاض على ما تبقى من ممانعة ومقاومة للمشروع الإمبراطوري الأميركي المحفَّز إسرائيلياً والقائم أساساً على شطب إيران من المعادلة «الشرق أوسطية» المستقبلية.
ثمة نقاش محموم يدور في أوساط الإعلام تارة، وفي أوساط النخبة تارة أخرى، حول وجود مشروعين للمنطقة الأول أميركي والثاني إيراني يتنازعان في أكثر من ساحة على الدور والنفوذ!وكما بدأ يقال في هذا السياق حديثاً فإن الصراع الداخلي الجاري على السلطة في العراق سواء ما يجري على السطح والميدان، أو في الأروقة الخلفية، أو الصراع المتنامي في لبنان منذ اغتيال الحريري سواء على تقاسم السلطات أو في إطار المواجهة المفتوحة مع إسرائيل وأميركا، أو الصراع «الطازج» والمستجد بين جماعة «حماس» وجماعة السلطة، إنما هي صراعات تحمل في طياتها حربا «بالوكالة» بين الأميركيين والإيرانيين!إنه كلام أقل ما يقال عنه إنه مسف ويجافي الحقيقة في أكثر من جانب. إضافة إلى كونه يحمل نوعاً من الاستخفاف بعقول العامة من الناس ناهيك عن الإهانة التي تلحق بالشعب العربي بقواه وأطيافه المختلفة في أكثر من قطر جراء هذا الاختزال المجحف بالأبعاد الحقيقية لهذه القضايا!فكيف تتحول القضية العراقية بين ليلة وضحاها إلى مجرد ساحة صراع أميركي إيراني على النفوذ! وهي الساحة التي أريد لها أساسا أن تكون منطلقا للانقضاض على ما تبقى من ممانعة ومقاومة للمشروع الإمبراطوري الأميركي المحفَّز إسرائيلياً والقائم أساساً على شطب إيران من المعادلة «الشرق أوسطية» المستقبلية في سياق معركة هزيمة «محور الشر» التي بدأت بالعراق أولاً؟! أو ما معنى أن تكون الساحة اللبنانية منطقة صراع على النفوذ أو الأدوار بين واشنطن وطهران وكل الذين يعرفون لبنان جيداً والمطلعين على تعقيدات ملفه، إن لم نقل ملفاته، يعرفون تماما أن المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني إنما قام في ركن من أركانه على مقولة القضاء على المشروع اللبناني التعايشي بين الأديان والطوائف واعتباره للبنان النقيض الطبيعي لفكرته العنصرية والاستئصالية، هذا إضافة إلى أطماع الكيان غير القابلة للإنكار بالمياه اللبنانية والدور اللبناني المالي والاقتصادي؟!وأخيراً وليس آخراً، منذ متى كانت الساحة الفلسطينية موطئ قدم للنفوذ أو الدور الإيراني؟! إنها المقولة الأضحوكة التي ما عرضت على عاقل إلا استغربها! فلسطين المقاومة والكفاح والنضال والقضية المركزبة للأمة العربية وخلاصة الصراع الإنساني من أجل البقاء والحرية والاستقلال والوجود، هكذا ومن دون مقدمات تصبح مجرد صراع بين واشنطن وطهران على النفوذ والأدوار فقط، وفقط لأن طهران تدعم «حماس» في مقولة استمرار المقاومة! ألم تكن طهران هي من اغلقت السفارة الاسرائيلية واستبدلتها بالسفارة الفلسطينية منذ الأيام الأولى للثورة؟! ألم تقرر طهران قطع علاقاتها مع مصر استجابة لنداء ياسر عرفات من بغداد عندما بعث برسالة عاجلة لها بأن «العرب» تركوه لوحده أمام إعصار «كامب ديفيد»، كما قال وقتها، وكنت أنا شاهداً على ذلك؟! الفرق الوحيد الذي يجعل من مواقف طهران الداعمة لقضايا العرب اليوم مدعاة للتشكيك والتشويه والتحريف برأى أصحاب الشأن العارفين ببواطن الأمور، هو أن الزمن «العربي» اليوم أصبح «رديئا» بالفعل، كما كان ينعته الشهيد ياسر عرفات، ولطالما اشتكى منه قبل وفاته وحذر من كثير مما يحصل اليوم باسم فلسطين وباسم العرب! كما أن من يروج لهذه المقولة اليوم ربما يجد نفسه دون أن يدري لاعباً للدور المشبوه الذي يصب في مصلحة من يروجون في المجتمع الدولي لإنهاء العرب ودورهم في المنطقة والمعادلة الإقليمية. أمين عام منتدى الحوار العربي الإيراني