الطرق الفنية للتعرف على رفات المفقودين في العالم، مرت بكثير من المراحل إلى أن وصلت إلى طريقة تعتبر الأكثر دقة وتصل نتائجها إلى %100 وهي طريقة البصمة الوراثية.مرت طرق التعرف على الرفات بكثير من التطورات التي أخذت الكثير من الوقت، بدءاً من الطرق التقليدية مثل التعرف على الرفات من خلال الصور والبيانات الشخصية والملابس، مرورا بالطرق الأكثر تطورا، وصولا إلى البصمة الوراثية التي تعد الأكثر دقة وسرعة وهي أكثر الأنظمة تطورا في طرق التعرف على الرفات.
مدرس الأدلة الجنائية في كلية الحقوق - جامعة الكويت وخبير الأدلة الجنائية د. بد ر الخليفة، يؤكد أن العمل لايزال جاريا بالطرق التقليدية في التعرف على الرفات، لكنه يضيف أن نظام البصمة الوراثية هو الأكثر تطورا، حيث إنه يتميز بدقته وسرعته وحصول الخبير من ورائه على نتائج تصل إلى %100، ويضيف إن هذا النظام يتصف بمزايا عديدة، منها: الدقة، حيث اثبت صحته بنسبة تصل إلى %99.9 بعد مقارنته بالأقارب، كما يتصف بالسرعة، فالعينات المستخلصة والمصنفة يمكن مقارنتها بسرعة وفي ساعات قليلة عن طريق الكمبيوتر، ويتميز بتأكيده على صحة النتائج، فالعظام والاسنان مغطاة بطبقة محمية، حيث يمكن تنقيتها من دون التأثير على مادة الـ (DNA)، كما أنه غير مكلف، حيث تعتبر استخدامات واجهزة «البصمة الوراثية» والمواد الكيماوية متوافرة في السوق المحلي.
خطوات التعرف على الرفات
ويضيف الدكتور بدر الخليفة إن خطوات التعرف على الجثة أو الرفات يبدأ منذ وصول بلاغ بوجود مقبرة تضم رفات، ومن ثم قد يكون هناك احتمال ان يكون في هذه المقبرة أسرى، فالمعلومة في هذه الحال ضرورية جدا، بعدها يتم تحديد المكان وتتم معاينته، والخطوة الثانية هي حفر هذا المكان، وفي هذه الحال نحن «نحتاج الى آليات للحفر»، فقد عرف عن نظام صدام استخدامه أعماقاً تصل إلى 3 أمتار لدفن الجثث »، ويشير الخليفة إلى أنه قام بزيارتين إلى مقابر السماوة في العراق وحفر لعمق 3 أمتار، «ووجدنا رفات 147 كويتيا أحضرناهم إلى الكويت في الزيارة الأولى، وقد أحضرنا رفات 235 كويتيا في الزيارتين التي ذهبنا خلالهما الى العراق».
السماوة ورفات الكويتيين
ويضيف ان مجموعة كويتية ذهبت إلى هناك قبل مجموعتنا من خلال الجيش الاميركي في العراق، وكشفوا متعلقات للرفات تحمل ملابس ودشاديش كويتيين، وهنا تأكدنا ان هذه المنطقة فيها رفات لاسرى كويتيين، ويقول الخليفة إن خبراء الطب الشرعي في عام 1985 وعام 1991 لم يكونوا متأكدين من ان هذه الجثة لفلان، فكانوا يضعون أنها جثة فلان وبجانبها كلمة احتمال! لكن مع البصمة الوراثية ليس هناك احتمالات للخطأ، قائلا إن الطرق الحديثة في علم التعرف هي الطرق التي تؤكد النتائج الى أن تصل %100، و «كنت خلال عملي حريصا على تسليم نتائجي بنسبة %100».
وأكد د. بدر الخليفة أن فحص الـ (DNA) يؤكد التبعية ويحدد اذا كانت الجثة تعود لذكر او انثى، لكنه أشار إلى أهمية وجود قاعدة بيانات للرفات أو الجثة المراد التعرف عنها، وفي هذا الصدد يقول: اذا كان فحص البصمة الوراثية دقيقا وسريعا وجيدا فإن وجود البيانات جزء مهم جدا من عملية التعرف.
وطالب الخبير د. بدر الخليفة بضرورة الفحص بشكل سليم بأن يتأكد الخبراء من أن هذه الرفات للجثة المفحوصة تماما، فيقول إن «كل دول العالم تطرح قضية المفقودين من ناحية علمية او من ناحية إنسانية، لكن هناك مسائل شرعية ومادية مرتبطة بتلك القضية، فالإقرار بأن الأسير صار رفات، معناه طلب ذويه بحقوقهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر من حق زوجته في تلك الحال المطالبة بطلاقها ومن ثم الزواج، أو مطالبة أهله بحقوقهم المادية من الميراث فيه».
ويضيف «لذا قد يترتب على النتائج الخطأ مشاكل شرعية ومادية، لكن من خلال فحص الـ (DNA) تكون النتائج دقيقة».
متى نغلق الملف؟
لكن متى نغلق ملف أسرانا ومفقودينا؟، يجيب الخليفة «هذا يحتاج الى قرار سياسي، والبلدان (الكويت والعراق) يعلنان ذلك، وتصدر الدولة قرارا من المحكمة ان هؤلاء متوفين ومن ثم يتم إغلاق الملف من الاطراف، وهناك حل آخر هو ان تطالب عائلة المفقود المحكمة بأن مفقودها مات، ومن ثم تصدر المحكمة شهادة تثبت الوفاة لزوجة المفقود ومن ثم يحق لها الزواج من غيره.
ويرى د. بدر الخليفة قبل الحديث عن إغلاق ملف المفقودين الكويتيين «أن نعطي أنفسنا فترة محددة واقترحها خمس سنوات، بعدها إذا لم يكن هناك تقدم يتم إغلاق الملف، خصوصا ان الاوضاع الامنية في العراق في طريقها إلى الاستقرار».
235 رفاتاً
ويضيف الخليفة أنه يشك في ان عدد الأسرى الكويتيين 604 ، فيما يؤكد أن جميع الرفات الكويتية التي عادت إلى الكويت في حدود 235. ويؤكد أنه من خلال رؤيته للأوضاع في العراق خصوصا الاوضاع الحالية، «لم اعتقد يوما ان هناك واحدا موجودا، ومن غير المقبول أو المنطقي أن يكون هناك اسير كويتي موجودا في العراق حتى الآن، فمن المحتمل أن يكون بعضهم مدفونا في صحراء الكويت، أو في أرض العراق، وقد يكون في اراضي دول اخرى وصحارى اخرى قد لجاوا إليها للهروب ايام الغزو، ومن الوارد غرقهم في البحر أيام الغزو العراقي، ومن ثم فهم موجودون في قاع البحر، ومن الممكن أن يكون هؤلاء اقتيدوا الى داخل العراق وماتوا في انفجار او ما شابه، وليس شرطا ان جميع الأسرى اخذوا وسجنوا واعدموا ودفنوا».
لجنة دولية
وطالب الخبير في الأدلة الجنائية بتشكيل لجنة دولية لعمل مسح شامل في العراق، وفي حال أكدت هذه اللجنة عدم وجود رفات كويتية في العراق، وقتها نغلق هذا الملف، «فتشكيل لجنة دولية للبحث عن المقابر الجماعية وليست للبحث عن مقابر للكويتيين او العراقيين فقط، لكن للبحث عن جميع المفقودين من جميع الجنسيات، وتكون لجنة فنية وتبحث عن المقابر الجماعية في العراق بشكل عام وتحدد وتقرر وقتها هل هذه مقبرة عادية ام مقبرة كويتية، وعقب الانتهاء من هذا المسح نستطيع ان نقرر هل نغلق هذا الملف أم لا».