الدكتورة معصومة... وبعد؟!

نشر في 27-08-2007
آخر تحديث 27-08-2007 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر

إذا كان الفصل التشريعي قد أنهى سنة واحدة من عمره الزمني وتبقى له ثلاث سنوات كاملة فقد تكون الفرصة مازالت مواتية لسمو مجلس الوزراء أن يعيد تشكيل حكومته بالكامل، خاصة أن العطلة البرلمانية سوف تمتد حتى أواخر أكتوبر، وهي فترة كافية لوضع برنامج عمل حكومي طموح وجدي وخطة عملية قابلة للتنفيذ.

جسدت الوزيرة معصومة المبارك موقفاً سياسياً راقياً بتحملها مسؤولية حريق مستشفى الجهراء وما نجم عنه من خسائر في أرواح بشرية، وسجلت باستقالتها سابقة أخرى يضاف إلى رصيدها التاريخي كأول امرأة كويتية تدخل عالم السياسة بكل تعقيداته وتقلباته، فقد كانت أول سيدة تحصل على كامل حقوقها الدستورية عملياً، وأول مواطنة تدخل قاعة عبدالله السالم، وأول وزيرة في تاريخ الكويت، وأول إنسانة تترجل عن مسؤولياتها الوزارية لحادث عرضي كانت أبعد ما تكون عن أسبابه وفي مبادرة يصعب على كثير من الرجال اتخاذها.

وإذا كانت الدكتورة معصومة قد استسلمت للقضاء والقدر وألقت مسؤولية حريق المستشفى على عاتقها الشخصي، فإنها لم تستسلم للابتزاز السياسي ومواجهة الرجال تحت قبة البرلمان، وإذا كانت تفاصيل الاستجواب المقدم لها قد طواها أفق الغيب، إلا أنها واجهت تحديات سياسية لا تقل ضراوة أبلت خلالها بلاءً حسناً من حيث الثبات والبسالة بدءاً من لحظة أدائها القسم الدستوري وسط الصراخ الهستيري لبعض النواب، ولم تأبه باستهدافها شخصياً، وهي تنتقل من وزارة التخطيط ثم المواصلات وأخيراً الصحة، ولم تتراجع أمام ضغوط الواسطة والمعاملات الشخصية ولم تنحر مساعديها أثناء توليها المناصب الوزارية تلبية لترضيات سياسية أو نيابية.

وعلى الرغم من أن الدكتورة معصومة سوف تحتفظ بكرسيها كأستاذة جامعية وتعود إلى قاعة التدريس والبحث العلمي، فإنه ينبغي أن تستثمر هذه المرأة بكفاءتها وخبرتها وإخلاصها ووطنيتها لخدمة البلاد في موقع يليق، على أضعف التقديرات، بمستوى تحمّلها المسؤولية وموقفها الرائد الذي سجلته باستقالتها التاريخية، وحتى لا تكون المراكز والهبات السياسية حكراً على من فقدوا مناصبهم أو أجبروا على ذلك، وهم يجرون أذيال الفشل والخيبة تاركين الكثير من علامات الاستفهام والتعجب والارتياب.

وباستقالة الوزيرة معصومة المبارك، يبدو أن المسبحة الحكومية قد انفرطت بالكامل، وإذا كان الفصل التشريعي قد أنهى سنة واحدة من عمره الزمني وتبقى له ثلاث سنوات كاملة فقد تكون الفرصة مازالت مواتية لسمو مجلس الوزراء أن يعيد تشكيل حكومته بالكامل، خاصة أن العطلة البرلمانية سوف تمتد حتى أواخر أكتوبر، وهي فترة كافية لوضع برنامج عمل حكومي طموح وجدي وخطة عملية قابلة للتنفيذ لا ينقصها سوى اختيار موفق للفريق الوزاري يتمتع بأغلبية برلمانية، وهذا هو الرأي الذي سقناه لسموه عشية التعديل الوزاري الحالي.

أما خيار حل المجلس الذي يطبل له بعض المطبلين، فإضافة إلى أنه سوف يحتم وضع مواصفات حكومة جديدة في نفس الإطار، إلاّ أنه لن يأتي بمجلس مختلف ليس على صعيد أعضائه إنما بتوجهاتهم وتياراتهم السياسية ناهيك عن أن فرص النواب الحاليين سوف تكون أوفر في ظل الدوائر الخمس وذلك لانتشارهم الإعلامي والجماهيري من جهة وعدم جاهزية المرشحين الجدد وعدم نضج القوائم المنافسة والأهم من ذلك كله عدم استعداد الفرق الحكومية نفسها للتأثير في نتائج انتخابات مبكرة جداً!!

back to top