من يحمي الأطفال في الحروب؟

نشر في 18-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 18-01-2008 | 00:00

ينص القانون الدولي الإنساني على وجوب احترام حقوق الأطفال خلال النزاع المسلح، ومع ذلك لا يكون الأطفال دائماً في منأى عن التعرض للعنف في شتى الطرق.

تقول مستشارة اللجنة الدولية في مجال حماية الأطفال، «كريستن بارستاد» إننا نشجع على احترام حقوق الأطفال وكرامتهم، كما هو الشأن بالنسبة إلى أي مدني آخر، من خلال توفير المساعدة الكفيلة بالتخفيف من حدة الآثار التي يخلفها النزاع المسلح. وإن كانت اللجنة الدولية تعمل من دون تحيّز على مساعدة كل ضحايا النزاع، فإن لدى الأطفال احتياجات خاصة تسعى جاهدة إلى معالجتها. وتشمل هذه الاحتياجات الأطفال المنفصلين عن عائلاتهم بسب النزاع، إذ تتولى اللجنة الدولية مهمة البحث عن العائلات عبر الحدود. ففي حال انفصال الطفل عن عائلته بسب نزاع مسلح، تقوم اللجنة الدولية بتسجيله بطلب منه أو من ولي أمره وتحاول اقتفاء أثر أفراد عائلته من أجل إعادة الاتصال فيما بينهم. وإذا تكللت عملية البحث بالنجاح، تبدأ اللجنة الدولية كخطوة أولى بتسهيل الاتصال بين الطفل وعائلته عبر المكالمات الهاتفية أو رسائل الصليب الأحمر مثلا، ثم تنظم عملية لجمع شمل الأسرة إذا سمح الوضع الأمني بذلك ووافق الطفل وعائلته. وتنتهي مهمتنا بعد متابعة ما يحدث بعد لمّ الشمل والتأكد من أن الطفل في حالة جيدة.

وتؤكد كريستن بارستاد أن اللجنة الدولية تمكنت في الفترة من 2003 إلى 2006 من جمع شمل 6237 طفلاً بأسرهم وكان هؤلاء غير مصحوبين بذويهم ومنفصلين عن بقية أفراد الأسرة. وتمت إعادة 775 طفلاً إلى والديهم عام 2006.

وهناك حالات أخرى تتعلق بالأطفال المرتبطين بقوات أو جماعات مسلحة حيث تشكل مسألة تجنيد الأطفال باعث قلق كبير بالنسبة إلى اللجنة الدولية. وفي الميدان، تتصل اللجنة الدولية بانتظام بالجماعات المسلحة والسلطات والقوات الحكومية مذكرة الجميع بالتزاماته وحظر تجنيد الأطفال في القوات المسلحة. وتستطيع بهذه الطريقة ضمان تسريح أطفال عديدين خصوصا في آسيا وإفريقيا. وتبذل اللجنة الدولية قصارى جهدها من أجل العثور على عائلات هؤلاء المسرّحين وتسهيل جمع شملهم إذا سمحت الظروف الأمنية وكان ذلك في مصلحة الطفل العليا.

وتمكنت اللجنة الدولية في الفترة من 2003 إلى 2006 من جمع 1740 طفلاً من الجنود الأطفال المسرحين بعائلاتهم. وبذلك بلغ مجموع الأطفال المسرحين الذين أعادتهم إلى عائلاتهم السنة الماضية 306 أطفال.

أما الأطفال المحرومون من حريتهم فإن اللجنة الدولية تقوم بزيارتهم بمن فيهم الأحداث، في الحالات التالية: النزاعات المسلحة الدولية، والنزاعات المسلحة غير الدولية، والاضطرابات الداخلية. وقد زارت السنة الماضية 41918 محتجزاً كان من بينهم 1682 طفلاً. وليست مراكز الاحتجاز أماكن مناسبة للأطفال؛ لذلك تبذل اللجنة الدولية كل ما في وسعها للتأكد من أن سلطات الاحتجاز تراعي الاحتياجات الخاصة للأطفال المحرومين من حريتهم وحقوقهم.

وإذا لم يكن الطفل قد بلغ بعد سن المسؤولية الجنائية في بلد ما مثلا، فإن اللجنة الدولية تطلب إخلاء سراحه. وبالمثل، تتدخل اللجنة الدولية إذا حُكم على الطفل بعقوبة الإعدام أو أبقي عليه في الحجز الاحتياطي غير القانوني مدة طويلة. وتطلب أيضا إطلاق سراحه استنادا إلى أسباب إنسانية، مثل الأسباب الطبية.

ولا ينبغي أيضاً وضع الأطفال مع المحتجزين الكبار سناً ما عدا بعض الحالات الاستثنائية التي يكون فيها ذلك من مصلحتهم العليا. ومن الضروري أيضا أن يحصلوا على ما يكفي من الغذاء والماء والخدمات الصحية والتعليم وغير ذلك. وتعمل اللجنة الدولية دائما على رفع توصيات إلى السلطات إذا ما كانت ظروف الاحتجاز غير ملائمة للطفل. وقد تقدم بعض المساعدات الضرورية إذا كانت السلطات غير قادرة على توفيرها. وتسهل اللجنة الدولية أيضا الزيارات العائلية إلى المحتجزين القاصرين. وهكذا قامت عام 2006 بتيسير 71 زيارة عائلية إلى محتجزين أطفال.

وتقول كريستن بارستاد: الأطفال المتضررون من النزاعات المسلحة يتمتعون بحماية قانونية من خلال اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977. وفي الحقيقة، نؤكد أن الأطفال يحظون بشكلين من الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني: الحماية العامة التي يتمتعون بها بصفتهم مدنيين أو أشخاصاً لا يشاركون في أعمال عدائية أو كفوا عن المشاركة فيها، والحماية الخاصة التي يتمتعون بها بصفتهم أطفالاً. وهناك أكثر من 25 مادة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين تشير إلى الأطفال على وجه الخصوص.

وتشمل القواعد المتعلقة بعقوبة الإعدام وتوفير الغذاء والرعاية الصحية والتعليم في مناطق النزاع، والاحتجاز، وانفصال الأطفال عن عائلاتهم ومشاركتهم في العمليات العدائية. وتسري الحقوق المكفولة في اتفاقية حقوق الطفل المصدق عليها عالميا تقريبا، في النزاعات المسلحة أيضا.

وعن تبنى الاطفال المنفصلين عن عائلاتهم خلال النزاعات المسلحة. فإن اللجنة لا تقوم إلا نادراً بذلك. فالأصل ألا يتم تبني الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين بسرعة في أوج حالات الطوارئ. فقد بيّنت التجربة أن معظم الأطفال غير المصحوبين بذويهم لديهم والدان أو أفراد عائلة آخرون يرغبون في العناية بهم ويستطيعون ذلك ويمكن العثور عليهم عند البحث بفاعلية. ويجب أن تقرر أي عملية تبني وفقاً لمصلحة الطفل العليا وتجري تمشياً مع القانون الوطني والدولي والعرفي المنطبق. وتعطى الأولوية في التبني دائماً إلى الأقرباء حيثما كان مكان إقامتهم. وإن كان هذا الخيار غير متاح، يفضل أن يجري التبني في كنف الجماعة المحلية التي ينتمي إليها الطفل أو على الأقل داخل جماعة تملك نفس ثقافته الخاصة.

وتقدم اتفاقية لاهاي لعام 1993 المتعلقة بحماية الطفل والتعاون فيما يتصل بالتبني بين البلدان وتوصية عام 1994 المتعلقة بتطبيق الاتفاقيات على الأطفال اللاجئين وغيرهم من الأطفال المشردين دوليا، الإطار الذي يسمح بتنظيم عمليات التبني بين البلدان.

وعن إمكان «تعليق» الحق في التعليم خلال النزاعات المسلحة أو غيرها من حالات الطوارئ تؤكد «كريستن بارستاد عدم سقوط هذا الحق بسبب النزاع. وأن للتعليم دورا حاسما في النهوض باحتياجات الأطفال وحقوقهم في حالات النزاعات وما بعدها، سواء من حيث الوقاية أو من حيث إعادة التأهيل. وفيما يتعلق بصحة الطفل النفسية الاجتماعية، يوفر له التعليم وتيرة عمل منتظمة ومجالا للتعبير عن النفس وفرصة للتبادل مع الزملاء. فوضع «الطالب» بالذات وضع ثمين لأن من شأنه أن يوفر للطفل الحماية من التجنيد القسري، مع أن الأطفال يبقون في الوقت نفسه معرضين للخطر، ذلك أن ثمة أطفالاً جندوا حتى خلال وجودهم في المدرسة. وقد توفر المدارس مهارات ضرورية للعيش وحيوية في حالات النزاع على وجه الخصوص.

حقائق

• كشفت دراسة متخصصة لليونيسيف بشأن الأوضاع الخاصة بالطفل في العراق ان عدد الأيتام يفوق الـ5 ملايين طفل، نتيجة للأعمال المسلحة والأوضاع الأمنية غير المستقرة.

• ذكرت احصائية نشرتها منظمة هيومن رايتس وواتش بشأن أزمة دارفور ان ميليشيات الجنجاويد المدعومة من الحكومة السودانية ومن خلال مواصلتها الاعتداء على المدنيين وتعريضهم للاغتصاب والسلب والنهب، أدى الى تهجير 150 ألف لاجئ داخل أراضي السودان، يشكل الأطفال والنساء 80% منهم، وتؤكد دراسة للأمم المتحدة الصامدة في عام 2005 أن 1.25 مليون طفل لا يمكن الوصول اليهم بسبب غياب الأمن.

• تشير دراسة للأمين العام للأمم المتحدة، بشأن العنف ضد الأطفال الى ان 20% من شهداء الانتفاضة الفلسطينيين أطفال دون سن الـ18، وذلك خلال الأعوام من 2000 الى 2004، بينما بلغ عدد الشهداء من هذه الفئة العمرية في الفترة الزمنية ذاتها 688 شهيدا، و12 ألف مصاب.

back to top