اتفق المسلمون على ألا يتفقوا

نشر في 29-10-2007
آخر تحديث 29-10-2007 | 00:00
 نادية علي الشراح

إن انعقاد التجمعات الإسلامية أمر محبط ولا يدعو إلى الفخر أو الشماتة، ولكنه حال كل التجمعات الدينية، لقد مارسها العالم وخبرها وحاد عنها، ولو ترك الحكم على كل الأمور للقياس من منظور ديني، لامتد الاختلاف إلى كل تجمع إقليمي، وحتى إلى كل قطر فيه.

يجتمع المسلمون بشكل دوري، ضمن منظمة المؤتمر الإسلامي، ولهم الكثير من المؤتمرات الوزارية واجتماعات القمة، ويفترض أن عددهم اقترب من حدود المليار ونصف المليار، أو نحو %22 من عدد سكان العالم البالغ 6.6 مليارات نسمة، ورغم أنني من حيث المبدأ أختلف مع أي تجمع على أساس ديني، لأن التاريخ القديم والمعاصر يرجحان أن أي توجه سياسي أساسه ديني لا بد أن يكون مشروع أزمة وعنف، إلا أن من حق أي تجمع أن يعمل له جرد لإنجازاته وإخفاقاته قبل الحكم له أو عليه.

وفي القضايا الكبرى من الثابت أن المسلمين فريقان وأكثر وعلى طرفي نقيض، فهم كذلك في ما يتعلق بقضية فلسطين وقضية العراق، وهم كذلك في ما يتعلق بقضية أفغانستان، وهم كذلك أيضا في ما يخص قضية الملف النووي الإيراني، لا اتفاق بينهم على تعريف الإرهاب، والواقع أن الكثير من طاقاتهم موجهة إلى بعضهم بعض، والساحة العراقية سواء على مستوى الأعمال التي تدعى زوراً وبهتانا بالجهادية، أو على مستوى صراع الحكومات على النفوذ، شاهد حاضر على ذلك.

والوضع لا يختلف عندما نترك القضايا الكبيرة إلى المتوسطة أو الصغيرة، فالتعاملات التجارية البينية بين الدول الإسلامية هي الأدنى، ليس لأنها لا تملك ثروات سائلة قابلة للاستثمار، ولكن لأنها لا تثق في اقتصاديات بعضها بعضا، فهي تخشى المخاطر التجارية لتلك الاقتصاديات - مثل سعر صرف العملة والتضخم - وتخشى أكثر مخاطرها غير التجارية، كضمان الحد الأدنى من الاستقرار السياسي. وباستثناء مستوى التغطية الإعلامية الرسمية لنشاطاتها المشتركة، لا تخضع اجتماعاتها لأجندة قضايا مبرمجة زمنياً وقابلة للتنفيذ، لذلك فاجتماعاتها لا تهم أحداً. ولم نتفق حتى الآن على التقويم الهجري، فالمسلمون يصومون ويفطرون بمواعيد مختلفة، رغم حسم علم الفلك لكل المواقيت، ولكن خارج منظومة العمل الإسلامية.

إن انعقاد التجمعات الإسلامية أمر محبط ولا يدعو الى الفخر أو الشماتة، ولكنه حال كل التجمعات الدينية، لقد مارسها العالم وخبرها وحاد عنها، ولو ترك الحكم على كل الأمور للقياس من منظور ديني، لامتد الاختلاف إلى كل تجمع إقليمي، وحتى إلى كل قطر فيه، ولعل النموذج الصارخ في إقصاء وإلغاء الآخرين، ما يدور بشأن إنشاء مسجد للبهرة في الكويت ومعارضة متدينين من مذاهب وطوائف أخرى إنشائه.

والأصح والأصلح، هو دعوة الناس إلى خصوصية علاقاتهم بخالقهم سبحانه، وعمومية المصالح في تجمعاتهم مهما كانت المِلل أو الاتجاهات.

back to top