إن اليهودي الذي يتعرض لما يسمونه «عدواناً» أو «إرهاباً» ضد «مدنيين أبرياء» لا ينطبق عليه أي نوع من أنواع المدنية أو البراءة! فهو في الواقع لا يمارس وهو يسير أو يعمل أو ينام أو يأكل أو يشرب على أرض الآخر وعلى جماجم ورفات أهل الفدائي المحتمل سوى فعل الاغتصاب والاحتلال والعدوان المستمر على الآخر.جاءت العملية الفدائية الفلسطينية للشاب المقدسي علاء هاشم أبو دهيم ضد طلاب «مدرسة» دينية صهيونية متطرفة لتثير من جديد نقاشاً عمره عدة عقود حول ما إذا كانت مثل هذه العمليات مشروعة طبقاً للأعراف والمواثيق والقيم الإنسانية الأرضية والسماوية أم لا... لاسيما وسط إدانة دولية واسعة تبدأ بقادة العدو الإسرائيلي وقد لا تنتهي عند حدود الرئيس الفلسطيني محمود عباس!
وحتى نتمكن من إصدار الحكم العادل في مثل هذه القضايا برأيي فإنه لابد أولا وقبل كل شيء من أخذ الأمور انطلاقاً من حيثياتها الواقعية على الأرض، وليس استناداً إلى النظرة الذاتية لهذا الفريق أو ذاك، حتى نقترب قدر الإمكان من ملامسة الحكم المنطقي والإنساني العام ولا نبني موقفنا على أساس عاطفي أو إحساسي متسرع!
أولا: إن الفدائي المعني في حكمنا عادة ما يكون من النوع المجني عليه والمعتدى عليه أصلاً و ابتداء! وذلك من خلال وقائع تاريخية مثبتة ومدونة ومستمرة الوقوع تفيد بإقدام مجموعات من الأغراب القادمين أصلاً من خارج مجتمع ودولة المجني عليه، وهم المسلحون بكل أنواع السلاح المدمر وكل الإمكانات المادية والمعنوية والمدعومة دولياً بهدف محدد لاشك ولا تردد فيه ألا وهو: الاستحواذ والسيطرة واغتصاب الحقوق المادية والمعنوية للشخص المجني عليه من دون أن يحرك هذا العدوان المستمر على الفدائي المحتمل أي ساكن في ذاكرة المجتمع الدولي التاريخية أو أحاسيسه الحاضرة!
ثانياً: إن من يسمون طلاباً أو عمالاً أو محامين أو صاغة أو تجاراً أو مزارعين أو قل ما شئت عنهم في هذا المجتمع غير المتجانس الطارئ على المجتمع الأصلي، ليسوا في الواقع سوى جنود أو ضباط احتياط أو جنرالات أو طيارين متاحين تحت الطلب للدعوة في أي لحظة للقيام بمهمات قمع أو طرد أو قتل أو قصف أو استئصال جماعي لذاك الفدائي المحتمل أو لأمة من الفدائيين المحتملين في الواقع!
ثالثاً: إن هذا الفدائي المحتمل لا يملك أو لم يعد يملك من حياته الطبيعية الإنسانية التي كان يتمتع فيها قبل وصول مجموعات الأغراب والقتلة اليوميين أو المحتملين سوى جسده العاري وبعض من الإرادة الفولاذية التي يمتلكها، إما بسبب إيمانه بربه ابتداء أو صار يمتلكها بسبب شدة المعاناة التي تزلزل الجبال، وبالتالي فمن يبقى على قيد الحياة من الضحايا فإنه يكون قد صار من فولاذ!
رابعاً: وهو الأمر الأهم ربما في مرافعتنا الحالية ألا وهو أن هذا اليهودي الذي يتعرض لما يسمونه «عدواناً» أو «إرهاباً» ضد «مدنيين أبرياء» لا ينطبق عليه أي نوع من أنواع المدنية أو البراءة! فهو في الواقع لا يمارس وهو يسير أو يعمل أو ينام أو يأكل أو يشرب على أرض الآخر وجماجم ورفات أهل الفدائي المحتمل سوى فعل الاغتصاب والاحتلال والعدوان المستمر على الآخر، وبالتالي فهو لا يستأهل حسب كل الأعراف والشرائع والقوانين الأرضية والسماوية سوى حكم القصاص التاريخي العادل أي القتل والقتل فقط دفاعاً عن الحياة الحقيقية!
لذلك كله نحن نسمي من يقوم بهذه المهمة الربانية والإنسانية والتاريخية بالفدائي أو الاستشهادي أو طالب الحياة الأبدية الخالدة، لأنه وهو ينفذ عمليته الفدائية هذه إنما يقوم بالتضحية بنفسه ويفتديها نيابة عن الإنسانية جمعاء وبذلك يكون قام بأشرف وأنبل عمل يمكن لإنسان أن يقوم به في سبيل الله والتاريخ والحياة الإنسانية الشريفة!
بينما نطلق على أعمال عصابات الأغراب من مجموعات القتل المنظم القادمين من الشتات اليهودي لينخرطوا في إطار دولة الإرهاب الجمعي المتمثلة في مؤسسات ومجتمع الحرب الصهيوني الجاثم على صدور أهل البلاد الأصليين بأنهم هم الإرهابيون وهم المعتدون وهم الانتحاريون وهم صناع الموت وطلابه الدائمون، والذين لا أمل لهم في البقاء على قيد الحياة إلا بالعودة من حيث أتوا ليمارسوا فعل المدنية أو البراءة في بلادهم الأصلية إن كانوا صادقين، وإلا فإن مصيرهم التفكك والزوال لا محالة عاجلاً أو آجلاً!
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني