Ad

مصطلح «الإرهاب» يلقى رواجاً واسعاً في السنوات الأخيرة وبشكل متعمّد ومقصود لأسباب عدة، من بينها الإيحاء بأن ثمة ما يسمى «بالمجتمع الدولي»، الذي هو بدوره أيضا مصطلح «مشتبه فيه» وملغّم، وضع على قائمة أهدافه إحلال «الأمن والاستقرار الدوليين».

ثمة حرب كبيرة ومتشابكة على مستوى المصطلحات والكلمات، تدور في الأروقة الخلفية للمشهد العام في بلادنا لا يُسلط عليها الضوء كثيراً، هي برأييّ أخطر ربما من الحرب الواضحة والمكشوفة النوايا والأهداف التي تخاض في الميدان!

فنحن إذا كنا ضد «العنف» مثلاً، فلأنه عادة ما يمارسه أرباب منطق القوة ضد الضعفاء والمظلومين وقليلي الحيلة، من الرافضين لمنطق التعسف في إدارة شؤون البلاد أو الرافضين لأي شكل من أشكال الاحتلال والهيمنة الأجنبية على الآخرين، ولهذا نحن ضده أو أننا ضده لأنه كذلك، ولكن لسنا بالضرورة ضد أي «عنف» كان ومن أية جهة أتى، حتى لو صدر من جانب الذين يتم الاعتداء عليهم بالحديد والنار والذين عادة ما يلجأون إليه مُكرهين!

فهناك يأخذ العنف سمة العدوان والظلم والعسف، فيما يحمل في الحالة الثانية صفة الدفاع والتصدي والمقاومة، وشتان بين العنفين!

وإلا فإننا مضطرون أن نقع في شبهة «المساواة» بين الضحية والجلاد! وهذا هو أحد مواقع الحرب الخفية الدائرة على أكثر من صعيد، بين طلاب الحروب ووكلائهم المحليين من حكام أو نخب من جهة، والمدافعين عن حق الشعوب في الحياة والحرية والاستقلال ومقاومة الاحتلال والهيمنة الخارجية من جهة أخرى!

وفي هذا السياق، يسمع الواحد منا في نشرات الأخبار اليومية مثلاً عشرات المرات دعوات ملغّمة ومشبوهة برأيي تدعو إلى «وقف دائرة العنف» أو إلى «نبذه» أو إلى «ضبط النفس»! في مواجهة أحداث عنف هي من صنع طلاب الحروب والطامعين بثروات الشعوب بالأساس الذين لا يجوز مطلقا مقارنتهم بممارسي «العنف» من المدافعين عن أنفسهم تحت وطأة العنف التعسفي المستخدم بوعي كامل ومع سبق الاصرار بهدف السيطرة والهيمنة أو النفوذ!

الأمر نفسه ينطبق على مصطلح أو مقولة «الإرهاب» التي تلقى رواجاً واسعاً في السنوات الأخيرة وبشكل متعمد ومقصود لأسباب عدة من بينها الإيحاء بأن ثمة ما يسمى «بالمجتمع الدولي»، الذي هو بدوره أيضا مصطلح «مشتبه به» وملغم، وضع على قائمة أهدافه إحلال «الأمن والاستقرار الدوليين» وإبعاد شبح هذا «الإرهاب» عن الدورة العادية للحركة العالمية، فيما ينسى أرباب هذا المجتمع، أو يتناسوا، أن التاريخ الحديث ومنذ ما يقرب من القرن كحد أدنى، يعاني من أقذر وأبشع أنواع الإرهاب وأكثرها وحشية، ألا وهو الإرهاب الصهيوني، لكن هذه الدولة القائم وجودها أصلا على اقتلاع شعب بكامله بوسيلة شبكة إرهاب عالمية منظمة دخلت ولا تزال تدخل فيها القوى العالمية الأساسية المتنفذة كعنصر أساسي، لا يتم ذكرها في وسائل الإعلام الدولية الأساسية إلا كونها الدولة الأكثر تعرضاً لخطر الإرهاب فضلاً عن «دورة العنف» الدموية الوحشية، والأنكى من كل ذلك على يد من؟... على يد الضحية العربية المسلمة! التي يجب أن تُعاقب على جريمتها! فيما يوصف الجلاد الحقيقي بداعية السلام المهدد بخطر الزوال! وهو ما يترتب عليه حق التمترس خلف ترسانة نووية من العيار الثقيل!

الأمر نفسه ينطبق على مصطلح «الأبرياء»، حيث يصبح جندي الاحتياط الصهيوني الذي يرتاد الحانة في تل أبيب عشية الطلعات الجوية له على شعب الضفة وقطاع غزة في «أحسن الأحوال»، انتبهوا في أحسن الأحوال! مساوياً للعامل أو الفلاح الفلسطيني المتجول في شوارع رام الله!! فيما يُدان المقاوم الفلسطيني الذي لم يُترك له خيار للتسلح والدفاع عن نفسه سوى تفجيرها بوجه غاصبيه ومحتليه وقاتلي أهله وعشيرته وشعبه! إنه العهرالدولي بامتياز! ولا حياء في علم تشخيص المصطلحات يا إخواني!

وهكذا هو الأمر مع مصطلح «المدنيين»! حيث يقفز السؤال التقليدي نفسه عن السمة التي يحملها هذا الذي يترنح في حانات حيفا ويافا من لابسي الملابس المدنية في الظاهر، إن كان عمليا يمارس فعل البراءة أم فعل الاغتصاب والاحتلال وقهر الشعوب وسرقة مياهها وثرواتها؟!

ونستطيع أن نستطرد إلى ما شاء الله في طرح التساؤل المشروع في حرب المصطلحات والكلمات والمعايير المزدوجة التي تمارسها وسائل الإعلام الدولية غير البريئة ضدنا، التي بدأت تشاركها في المجهود الحربي هذا، للأسف الشديد، بعض وسائل إعلامنا العربية، إن لم تكن أغلبها، سواء عن قصد وعمد أو دون أن تنتبه إلى هذا الفخ العميق والخطير، الذي لا يقل خطورة في أهدافه برأييّ عن الحروب النفسية والاستخباراتية والأمنية، بل وحتى العسكرية!

 

أمين عام منتدى الحوار العربي - الإيراني