«الجريدة»... ومتعة المغامرة
رغم أولويات الشأن الكويتي والغوص في تشعباته، فإن ذلك لم يحل دون حرصنا على أن تكون الوليدة منبراً عربياً استناداً إلى ما يملكه مؤسسوها من إرث فكري وثقافي يمكنها من مقاربة مشكلات الإنسان العربي بأصالة وعصرية في آن. فـ «الجريدة» ليست فقط جريدة المجتمع الذكوري البالغ الذي يحاول احتكار السياسة والقرار وفرض قوانينه في العيش والاجتماع.أدّعي أن جريدة «الجريدة» ستشكل إضافة نوعية في الصحافة الكويتية. وهي إذ تنضم إلى زميلاتها فإنها ستساهم من غير شك في منافسة مهنية شريفة، تستثير الكامن لدى العاملين في مهنة الصحافة من أجل الحرفية والسعي إلى الحقيقة وإعلاء راية النقاش الديموقراطي.
أولوية الشأن الكويتي والغوص في تشعباته ودقائقه لن يحولا حتماً دون ما حضرنا له في «الجريدة»، لتكون الوليدة أيضاً منبراً عربياً يساهم قدر ما يستطيع في وصل قضايا الأمة العربية التي تقطعت بها السبل جراء ما حل بها خصوصاً على أيدي بنيها وأنظمتها قبل الادعاء بأنها كانت عرضة لمؤامرة غاشمة من الأجنبي. وأنا واثق من أن «الجريدة» الصادرة مع مطلع النصف الثاني من العام 2007 مشبعة بحداثة الألفية الثالثة شكلاً ومضموناً، هذه الجريدة تملك من خلال مؤسسيها، الإرث الفكري والثقافي الذي يمكّنها من مقاربة مشكلات الإنسان العربي بأصالة وعصرية في آن. أما رائدها فليس أقل من الحرص الشديد على المصالح العربية مترافقاً مع التزام كامل بالتشجيع على الديموقراطية واطلاق الحريات واحترام حقوق الانسان وفقاً للأعراف ولشرعة الأمم المتحدة.جريدة جديدة مطبوعة في زمن مواقع الانترنت وانفجار الفضائيات، سؤال بات تقليدياً. وجوابي: لم لا ؟ فالصحافة المقروءة تبقى في ميدان المنافسة اذا لم تكتف بالنقل ولم تلعب دور شريط التسجيل، أو تتحول إلى أداة. انه تحد كبير أن تتمكن الصحافة المكتوبة من الاستقلالية والتميز والانفراد بالأخبار والذهاب إلى عمق الحدث تحليلاً وإضاءة بما يتجاوز الوجبات السريعة والمثيرة التي تقدمها وسائل الاتصال المرئية. «والجريدة» ستحاول بالتأكيد أن تكون على مستوى هذا التحدي. قناعتي عميقة بأن النص هو الأساس. لكن للنص شريكاً كاملاً هو الصورة في زمن الصورة. وهي لا يمكن أن تنفك عنه لمسة وعرضاً وتحويلاً للمشهد العابر والموقف الاستثنائي الى وثيقة ذات سحر تملك رائحة وحنيناً لا يدرك كنههما الا المدمنون على الورق ومتعة القراءة. وهنا ستكون الصورة أوسع من الإطار.في «الجريدة» 2007، أثبّت قناعتي بأن أي جريدة حديثة يجب ان تكون جريدة المرأة والشباب، وليست فقط جريدة المجتمع الذكوري البالغ الذي يحاول احتكار السياسة والقرار وفرض قوانينه في العيش والاجتماع، ولا جريدة أولئك الذين باتوا يتسلحون بـ «الحكمة» هرباً من وقائع العمر وتستراً على غياب روح المغامرة.وهكذا نعد نصف المجتمع الجميل وشبابه بأنهم سيجدون أنفسهم في «الجريدة»، وستكون ملعبا لتفاعلهم معها وليس للإملاء عليهم.على اي حال تبقى الجريدة للجميع... في المنزل في متناول العائلة، ومع قهوة الصباح، وفي حيوية باحات الجامعات. وعلى المكاتب للذين يفضلون، غير مخطئين، قراءة ما استجد وخفي بدل العمل الروتيني المسبب للملل والصداع.مع عدد «الجريدة» الأول أكون قد ساهمت للمرة الثالثة في تأسيس جريدة. وهي مغامرة إضافية ممتعة كسابقاتها وتشبه الوقوع المتكرر في الغرام.