لماذا بعد 14 قرناً من وفاة الرسول محمد (ص)، ما زلنا سنة وشيعة وطوائف متعددة نختلف في قضايا تاريخية وترجمات واجتهادات قالها أو كتبها أناس مثلنا، ولا نريد ولا نقبل تحديثها أو الجلوس معا لرفض كل الأفكار القديمة التي تقسم الناس ولا توحدهم؟يعيب علي بعض الأصدقاء أني مؤمن بنظرية «المؤامرة»، وأني أرى كل وضع سياسي على هذا الأساس. واعتقد أنني مع الأيام أزداد إيمانا بأن ما يحدث لنا وحولنا ما هو إلا مؤامرة خبيثة حيكت وتنفذ بأيد متمكنة لديها المعرفة والمال والقوة، قرأت شعوبنا بقبائلها وطوائفها وتكويناتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كافة، ووضعت مجموعة من البدائل التي تمكنها من خلق الفوضى والانقسام الذي يُمكنها من السيطرة علينا وتملك أرضنا وما تحتها وما فوقها بينما نحن نتقاتل وندمر أنفسنا بألف حجة وحجة دون عقل أو تفكير أو إدراك. إننا أصبحنا ألعوبة نُحرك كما الدمى بهذا الاتجاه أو ذاك .من يعترض على تفكيري التآمري ليفسر لي لماذا يحدث ما يحدث ولصالح من؟ وما هي النتائج المتوقعة لما يحدث في العراق وفلسطين وإيران ولبنان ومصر وغيرها من بؤر التوتر القائمة في وطننا العربي حتى هذه اللحظة. لنسأل أنفسنا لصالح من يموت الآلاف من إخواننا العراقيين بيد أخوة لهم سواء كانوا عراقيين أو أخوة من دول تدعي أنها عربية أو مسلمة. لماذا يقاتل الفلسطيني المشرد أخاه الفلسطيني المشرد، وهم في أحلك فترة في تاريخ قضيتهم؟ لماذا تنفجر القنابل في لبنان في كل لحظة نعتقد أن الإتفاق بين أطرافه قد قرب؟ لماذا بعد 14 قرناً من وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، لا زلنا سنة وشيعة وطوائف متعددة نختلف في قضايا تاريخية وترجمات واجتهادات قالها أو كتبها أناس مثلنا، ولا نريد ولا نقبل تحديثها أو الجلوس معا لرفض كل الأفكار القديمة التي تقسم الناس ولا توحدهم؟ لماذا، ونحن في عصر العلم والانفتاح، لا زلنا نخاف العلم ولا نأخذ منه إلا ما يثبت قواعد العزلة واقصاء الآخر؟ هل انتفى العقل أم أن هناك من يمسح كل بادرة ويشعل الفتن حتى لا نعود أمة موحدة سواء كانت عربية أو إسلامية أو إنسانية تجمع كل من يملك عقل ومحبة لتقدم الإنسان؟هل يعقل أن نختلف لأن مجموعة من 1500 سنة اختلفوا؟، هل يعقل ان يأتينا غازياً ليحتل أرضنا بناء على تاريخ تعدى 2000 عام؟، هل نقبل أن نظل سجناء صراعات أجيال ساحقة دون أن نسأل أنفسنا لماذا علينا قبول اختلافاتهم ولا نجد طريقاً بديلاً لبناء مستقبل أفضل؟ مستقبل للحب والسعادة وبناء الإنسان وحمايته من الجوع والعطش والفقر والجهل والحرمان بدلاً من الرقص على الظلم الواقع عليه وسجنه داخل جدرانه.لو نظرنا حولنا وقرأنا الخطاب السياسي للكل فهل نجد خطاباً عاقلاً يدرك ما يحاك لنا ويسعى الى تجنبه والبحث عن طريق المستقبل؟ هل الخطاب الحالي والتهديد المستمر للعالم وسياساته وأديانه هو في مصلحة الأمة أم لضررها؟ هل الحديث عن محاربة الغرب، على سبيل المثال، يصب في مصلحتنا أم في مصلحة الغرب؟ ألم نتعلم من حروب كثيرة مرت أو لا زالت أن المستفيد الأكبر من أي حرب هم تجار الحروب وصانعي سياساتها ومالكو مصانع أدواتها والخونة الذين يرفعون راياتها بدعوى الاصلاح وحماية الأمة؟ فهم في الحقيقة عملاء لتجار السلاح سواء بالادراك أو بالجهل، وهم ينفذون أهدافهم في تقسيم وتدمير الأمة. ألم نر أين كانوا يقفون أثناء الحرب العراقية الإيرانية على سبيل المثال أيضا وليس الحصر؟. ألم نسمع أحد القادة الأميركيين، وهو يقول: إننا لن نترك أحدهم يهزم الآخر، وأننا سنساعد أي طرف يضعف؟ وبينما كانوا يصرحون بذلك علناً كان ممثلون من الطرفين المتحاربين يفاوضون على شراء المزيد من السلاح ليملأوا خزائنهم وليستمر قتالهم . هل نتذكر كم إيرانياً وكم عراقياً قتل في تلك الحرب؟ هل يدرك المتشددون بيننا والمطالبون بالاستعداد للحرب والمواجهة أنهم يقدمون أكبر خدمة لتجار السلاح، وأننا الخاسرون في هذه الحروب مهما كان الغرض نبيلاً؟ هل نذكر مرة أخري عدد من مات من العرب والمسلمين وكل من حمل السلاح ضد القوة الأغشم وماذا جنى في النهاية غير الخراب والدمار والموت واستمرار الفقر والعجز والاحباط؟ هل ندرك أن قضية السلم ومناهضة الحروب تنادي بها الأمم التي نعتقد أنها تؤيد حكوماتها في افتعالها، وأننا يجب أن نضع أمامها قضايانا والتعاون معها لإبطال تجارة الحروب لسبب بسيط ، أنها حروب تكلفهم وتقتل أولادهم وتثير عليهم الشعوب المقهورة . وهم لا يريدون ذلك؟ لماذا لم نجد طريقاً حتى الآن، طريقا أفضل من طريق الموت لحل مشاكلنا كافة مع العالم؟ ولماذا لم نجد حلاً يقوم على بناء القوة الذاتية التي تكسبنا احترام العالم كما فعلت اليابان وألمانيا فخر الصناعة والمال في عالم اليوم؟ هل فقدنا القدرة على التفكير السليم ؟