عندما تصبح النوايا صادقة في البناء والحس الوطني في التنفيذ، فإننا سنراها على الواقع مرسومة وعلى الأرض مشهودة، وهذا ما يتمثّل في مستقبل الدولة وإشراقتها.
لقد شعر المواطن بالملل وسئم الوعود الحكومية الهوائية، فمنذ زمن ونحن نرى اللوم يطول جميع الاتجاهات من دون حلول تذكر، فالحكومة تلوم النواب والنواب يلومون الحكومة، والضحية بينهما هي الكويت، فمنذ عام 1991 ومشاريع البلد معطلة والسياحة فيها طاردة والاستثمارات مهاجرة بعد أن كانت الفرص والسبل في ذلك الوقت لدى الحكومة متاحة في تنمية وإعمار البلاد لما لحقها من أضرار في أثناء الغزو الغاشم، والنواب كانوا متفهمين ومقتنعين في ذلك الوقت.إذن فأسباب تعطيل التنمية كثيرة والمتسبب الرئيسي فيها مع الأسف هي الحكومة من دون المساس بمصداقيتها في حبها للوطن، فالاستجوابات ليست هي السبب، كما يدّعي البعض، فإن لم تكن هناك استجوابات فكيف تكون حال البلد في تصوركم وقد عشناها؟! وإذا لم توجد هناك رقابة تحاسبها فمن يحاسبها إذن؟ أم تريدون أن تقولوا لنا «دهنّا في بنوكنا» أقصد (مكبّتنا)، فلا يعني أن تكون الحالة السياسية إيجابية، بأن نتجاهل الرقابة على السلطة التنفيذية بل يجب أن تكون الرقابة مستمرة وفعالة من قبل السلطة التشريعية، لأنها نوع من الإصلاح السياسي للبلاد ومنع من تسوّل له نفسه التجاوز مهما علا شأنه، فكم من القوانين والإنجازات تمّت الموافقة عليها من قبل مجلس الأمة، فما كان من الحكومة إلا أن تكافئ هذه القوانين بالتعطيل وتجعلها حبيسة الأدراج حتى ضاقت بها الخزائن ذرعاً.إن إقرار ثلاثة قوانين في جلسة واحدة وقبلها تخفيض ضريبة الدخل ما هي إلا قوانين إصلاحية حقيقية وحيوية صادقة من قبل مجلس الأمة، فهم من يبادرون بالتعاون لجعل طريق الكويت مستقيما في النمو من دون اعوجاج لجعلها مركزاً مالياً وتجارياً، ولكن هل هذه القوانين قابلة للتنفيذ من عباقرة هذا الزمان أم أنّ حالها ستكون كحال من قبلها من قوانين؟! فالمواطن وقبله النواب لا يريدون التسويفات والعودة بهم إلى الوعود الواهية، لو نظرنا إلى القوانين التي أقرت من قبل السلطة التشريعية في مجلس الأمة لوجدناها الآن عند الحكومة تشكل «متحفاً تشكيلياً ومعمارياً للزوار» ينتظرونها لقص شريط الافتتاح، وهذه القوانين ظلت عندنا على هيئة «براويز» ذات إطارات «إكسسوارية» معلقة يتعلم العالم منها بناء أوطانه من دون الحاجة إلى مكاتب استشارية.عندما صرحت وزيرة التربية نورية الصبيح بأن وزارة التربية اختطفت، أقولها وبكل صراحة: إن الكويت قد سلبت من جشع وطمع بعض التجار وأصحاب النفوذ، وإن لم نتداركها فإن الهاوية ستستمر بالهبوط والعاصفة ستزيد في سرعة رياحها إلينا، وإن ما أقر من قوانين سابقة يمثل دليلاً للتعاون بين السلطتين وبداية للطريق الصحيح، ولكن لا نريد التفاؤل، فالآمال وحدها لا تكفي إذا لم يصاحبها عمل تنفيذي، ونريد هذا النور على أرض الواقع. «نتمنى ويا كثر ما نتمنى لعلها توافقنا هذه الأمنيات ولو لمرة، يعجبني شطر من بيت للشاعر حمود البغيلي يتوافق مع حال الحكومة الرشيدة يقول فيه: ياكثر ما قلت أبسوي وبسوي ..... وأنا مافيه شيء من اللي قلته سويته».
مقالات
نافذة: برواز الحكومة
18-01-2008