Ad

يعتبر نظام الدائرة الواحدة والقوائم الانتخابية من النظم التي تناسب الواقع الكويتي لإتاحته فرصة تمثيل كل فئات الشعب الكويتي، على عكس الفكرة التي يروّج لها بعضهم حالياً بإقرار نظام الدائرة الواحدة على أن يحق للناخب انتخاب نائبين فقط، وهو نظام أكثر سوءاً من النظام الانتخابي الخمس والعشريني من حيث تسهيله عمليات تشتت الأصوات، وشراء الذمم، وبروز الفرز الطائفي والقبلي والعائلي.

يتداول بعض المهتمين بالشأن العام أن هناك ضمن ما يطرح من حلول للأزمة السياسية الحالية تفكير أو «تسويق» حل مجلس الأمة حلاً دستورياً، والدعوة إلى انتخابات خلال شهرين كما ينص على ذلك الدستور، على أن تتم خلال هذه الفترة عملية تغيير النظام الانتخابي الذي أُقر العام الماضي وقسّم الكويت خمس دوائر انتخابية، بحيث تصبح الكويت، بعد الحل، دائرة واحدة على أن يُعطى للناخب الحق في انتخاب عضوين فقط!! ثم يقوم المجلس الذي سيأتي حسب هذا النظام الانتخابي «الانقلابي» بالتصديق على عملية التغيير، كما حدث في مجلس 1981 عندما صادق المجلس آنذاك على نظام الخمس وعشرين دائرة الذي، أقر في غياب مجلس الأمة أثناء فترة الانقلاب الأول على الدستور والذي لا يزال البلد يعانى سلبياته الكثيرة، التي من ضمنها زيادة التشرذمات القبلية والطائفية والفئوية.

وإذا صدقت هذه النبوءات وتحقق ما يخطط له أصحاب التفكير الانقلابي، فإن ذلك يعني الالتفاف إلى المطالبات الوطنية لإصلاح النظام الانتخابي، الذي عبرت عنه الحملة الوطنية الشبابية المعروفة بـ«نبيها خمس» وكان ثمرتها إقرار نظام الدوائر الخمس. كما أنه يعني أيضا العودة إلى المربع الأول و«كأنك يا بوزيد ما غزيت»!

إن نظام الدائرة الواحدة بصوتين أكثر سوءاً من النظام الانتخابي الخمس والعشريني من حيث تسهيله عمليات تشتت الأصوات، وشراء الذمم، وبروز الفرز الطائفي والقبلي والعائلي، وتكريسه لعدم فاعلية العملية الانتخابية كعملية سياسية تتركز الحملة فيها على برامج سياسية، ويكون التصويت فيها تصويتا لبرامج سياسية وليست لاعتبارات شخصية.

ولا يخفى على المتابع أن نظام الخمس دوائر برغم أنه أفضل من النظام الخمس والعشريني المُلغى، فإنه لن يقضي بتاتاً على الظواهر السلبية التي رافقت النظام القديم، كما أنه، أي نظام الخمس، يحتاج إلى تعديل سريع يراعي الكثافة السكانية في المناطق الانتخابية. وبرغم مثالبه فإنه يمكن اعتباره مرحلة انتقالية لنظام الدائرة الواحدة والقوائم الانتخابية المعمول به في الكثير من دول العالم، هذا إذا لم يتمكن المجلس من إقرار الأخير خلال الفصل التشريعي الحالي.

يعتبر نظام الدائرة الواحدة والقوائم الانتخابية من النظم التي تناسب الواقع الكويتي إذ يتيح العمل فرصة تمثيل كل فئات الشعب الكويتي، فالمرأة بوسعها أن تُمثّل في القوائم الانتخابية، وكذلك ستتمكن الأقليات ذات الأصول القبلية وغيرها من الأقليات الأخرى، التي لن يكون لها نصيب في النظام الحالي من الوصول إلى المجلس، كما سيقلل العمل بنظام القوائم الانتخابية من أهمية الانتخابات الفرعية القبلية والطائفية والفئوية، إذ يمكن لقائمة انتخابية ما أن تمثل مكونات المجتمع الكويتي جميعها ضمن برنامج انتخابي وطني عام، بما يسهم في عملية الاندماج الوطني للمكونات الاجتماعية المختلفة للمجتمع الكويتي.

إننا إذا ما استبعدنا التفكير الانقلابي على النظام الانتخابي الحالي، الذي نشك في نجاحه، لما قد يسببه من مشاكل الجميع في غنى عنها، من ضمنها الرفض الشعبي لأن ذلك يُعد التفافاً على المطالب الوطنية واستهتاراً بالإرادة الشعبية وبمجلس الأمة، فإن موضوع الدائرة الواحدة مطروح على جدول أعمال لجنة الداخلية والدفاع بمجلس الأمة، لذا فإن الأمر يصبح مفتوحاً للنقاش من الآن، لعل وعسى أن نتوصل إلى توافق وطني على نظام الدائرة الواحدة والقوائم الانتخابية.