نسأل اليوم كم مصحفاً أو كتاباً تمت ترجمته إلى اللغة الدنماركية والنرويجية والهولندية منذ الإساءات الأولى التي طالت الرموز الدينية الإسلامية قبل سنوات، وتحديداً عام 2004 في الدنمارك؟أول العمود: أن يقترب عدد خدم المنازل في الكويت من نصف المليون، وأن يصاب بالسكر منا %20 فهذه أدلة على أننا شعب كسول.
***
وهاهي الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام تعود مرة أخرى من الدنمارك.
وفي هذه المسألة نحن أمام حقائق محددة، الأولى: أن خاتم الأنبياء قد توفي. والثانية: أن ديناً يسمى الإسلام مكملاً لما سبقه من الديانات قائم اليوم. والثالثة: أن أتباعاً لهذا الدين يقدرون بأكثر من مليار نسمة... عشرات الملايين منهم يعيشون فى دول غير مسلمة (50 مليوناً فى الصين، و150 مليوناً فى الهند).
فأين هي المشكلة في مسألة الإساءة إلى النبي محمد برسوم الكاريكاتير في الدنمارك أو أي بلد آخر؟
في ظني أن المشكلة الرئيسية تكمن في الحقيقة الثالثة، وهي المسلمون. فلا النبي الكريم ولا دين الإسلام هما المشكلة فيما يثار اليوم. ما يحدث اليوم في الدنمارك وهولندا والنرويج وغيرها سيستمر سواء بالرسوم أم بغيرها، وفي ظني أن الواجب إزاء هذا الموقف يتطلب الإجابة عن أسئلة عدة:
لماذا يقوم بعضهم بالاستهزاء بنبي، أى نبي، كالمسيح عيسى أو موسى عليهما السلام؟ ولو قدر لمَن رسم أو كتب مستهزئاً أن يقرأ عن سير ورسالات الأنبياء فهل سيتغير موقفه؟ ولماذا وضع واحد من رسامي الكاريكاتير قنبلة على رأس النبي محمد (ص) في وقت لم تكن القنابل قد اكتشفت في صدر الإسلام؟ ولماذا لانذود عن الإساءات التى تمس سيدنا المسيح فى الغرب، ونكتفى بما ينشر عن الإسلام؟
هذه أسئلة يجب أن نفكر فيها جيداً قبل الانفعال العاطفي الذي لا نستطيع بالطبع منعه، لأن كل إنسان يعبر عن حبه لدينه على طريقته. فمنا العاطفي، ومنا العاقل، ومنا مَن لا يكترث.
نسأل اليوم كم مصحفاً أو كتاباً تمت ترجمته إلى اللغة الدنماركية والنرويجية والهولندية منذ الإساءات الأولى التي طالت الرموز الدينية الإسلامية قبل سنوات، وتحديداً عام 2004 في الدنمارك؟ هل استخدمنا الأساليب الحديثة والمتطورة نفسها في الرد على مَن أساؤوا إلى الرموز الدينية، فالرسم الكاريكاتيري يستدعي مثلا إنتاج فيلم يتحدث بذكاء عن مبادئ الأديان السماوية ومنها الإسلام بطريقة شبابية مبتكرة؟! أو تصوير أغنيه أو نشيد يتكلم عن الأديان السماوية بشكل يجذب قطاعاً واسعاً من جماهير هذه الشعوب. فهل قمنا بشيء من هذا القبيل؟
اكتفينا بالجهد السلبي، توجيه رسائل تهديد بالقتل، إبداء آراء تنم عن عنف في غير محله، قاطعنا الجبنة والزبدة الدنماركية (بعضنا بالطبع...)، وحتى مصطفى العقاد المخرج الفذ الذي خدم الدين من خلال السينما قتله أبناء جلدته (مسلمون) في تفجير فندق في الأردن عام 2005 أودى بحياة ابنته معه!
والآن، ماذا استفاد المسلمون: لا شيء، وماذا تعلم الدنماركيون: الإصرار على ثنائية (القنبلة والعمامة). عنف مقابل عنف، جهلاء متطرفون يقابلهم عاطفيون!
ذهب الرسول الكريم محمد بجسده عن الحياة، لكن رسالته متقدة وكلماته باقية.. وهو قد علمنا مبدأً جميلاً أخذه الغرب وتطور بسببه: وجادلهم بالتي هي أحسن. والجدال في وقتنا الحاضر يعني الكتاب، والثقافة، والأغنية، والسينما، والصحافة، والإنترنت... يعني الحضارة، وليس مقاطعة الزبدة والجبنة قابلة الدهن وأكثرنا يأكلها خلسة، وأحياناً أثناء التظاهرات!