Ad

السيد المهري أضاف قائلا «من يقول بأن القرقيعان بدعة فكلامه هذا بدعة وهو لم يذق من طعم الفقه شيئاً!» لماذا يا سيد؟ لماذا يا مولانا؟ ما الداعي إلى هذا النعت القاسي في حق مخالفيك، خصوصاً أن الموضوع «قرقيعان» ولن تنفصم عرى الإسلام إن اختلف القوم فيه!

على الرغم من أن أصدقائي من الشيعة يطلبون مني دائماً ألا أحاججهم بما يصرح به السيد المهري وما يتخذه من مواقف فريدة وطريفة، وذلك بقولهم إنه لا يمثل الشيعة الكويتيين جميعاً، فإنني دائما ما أتعمد أن أشاكسهم بهذا، وبالطبع وكرد فعل صار منهم من يرد علي بتصريحات بعض مشايخنا السنة ومواقفهم من باب أن عندنا وعندهم خيراً!

لكن الأجمل في الموضوع أن هذا المزاح لم يفسد للود يوما بيني وبينهم أي قضية، ولا أشك أن السبب في ذلك يعود إلى أن علاقتنا تقوم على الاحترام والقبول المتبادل.

أنا أحترم ما يؤمنون به، حتى وإن كنت أختلف معه مادام أنه لا يسيء إلى معتقداتي بشيء، وهم كذلك يحترمون ما أؤمن به وإن اختلفوا معه ما دمت لا أسيء إلى معتقداتهم بشيء، وكلانا يؤمن بحق الآخر في ممارسة ما يؤمن به بكل حرية واطمئنان. ولا أظن أننا بهذه الحالة نمارس شيئاً مختلفاً أو خارقاً للعادة، فالمسلم مأمور شرعاً باحترام حق الآخرين في اعتناق ما يريدون من أديان، فما بالك باحترام مذهب أخيه المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلي إلى القبلة ذاتها؟!

أنا وهم عندما رسمنا هذه العلاقة القائمة على الود والاحترام المتبادل والرغبة في حصول الخير والهداية للآخر، ما كنا بحاجة إلى أن نكون من علماء الدين المتبحرين في العلوم الشرعية، بل كل ما هنالك أننا انطلقنا من الفطرة البسيطة التي تدعو إلى الخير والسلام، ومن أبسط مبادئ المنطق بأن لنا في النهاية مصيراً مشتركاً على تراب هذا الوطن حاضراً ومستقبلاً.

هذه السطور كانت لازمة قبل أن أعود إلى الحديث عن السيد محمد باقر المهري، والذي هو -بحسب ما يتبع اسمه، كما أرى في الصحف- وكيل للمراجع الشيعية في الكويت، وأنا وإن كنت أجهل معنى هذا على وجه الدقة، إلا أنني أظنه يعني مكانة لها قيمة.

السيد المهري، وهو شيخ دين معمم، بحسب ما أرى في الصور، تحدث إلى الصحف منذ أيام عن القرقيعان، وإلى هنا فالأمر بسيط؛ فالسيد كثير التصريحات، والقرقيعان كما نتابع قد شغل كثيراً من شيوخ الدين سنة وشيعة. السيد المهري يرى أن القرقيعان سنة شرعية وعادة شعبية حسنة يعود أصله على حد قوله إلى كونه مشتق «من قرة العين التي تستعمل في مقام السرور والفرح والبهجة والتبريك والتهنئة ويرجع ذلك إلى مولد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكبر الحسن بن علي عليه السلام؛ إذ إنه ولد في منتصف شهر رمضان في السنة الثالثة للهجرة»، ولا مشكلة عندي في هذا؛ فهو لا يعدو كونه اجتهاداً يحتمل الصواب والخطأ ويتعلق في النهاية بصحة سند الرواية التاريخية التي اعتمد عليها من يقول به. لكن السيد المهري لم يكفه ما سبق فأضاف قائلا «من يقول بأن القرقيعان بدعة فكلامه هذا بدعة وهو لم يذق من طعم الفقه شيئاً!» لماذا يا سيد؟ لماذا يا مولانا؟ ما الداعي إلى هذا النعت القاسي في حق مخالفيك، خصوصاً أن الموضوع «قرقيعان» ولن تنفصم عرى الإسلام إن اختلف القوم فيه!

لن أقول شيئا سوى أن أسأل الله الهداية للجميع، وأرجو منه جل وتعالى أن يرزقنا القدرة على العيش بسلام ووئام، والقدرة على احترام الرأي الآخر والتحلي بمكارم الأخلاق التي أمرتنا بها مبادئ الإسلام السمحة والقيم الإنسانية الراقية، والتخلي عن المشاكسات التي لا طائل من ورائها!