الفرعيات تتحول إلى أساسيات

نشر في 13-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 13-04-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

إن كان هناك من يسعى إلى الانقلاب على النظام الدستوري، وإن كان ما يجري من احتقان، ناتج عن استخدام ذلك البعض أدواته على الأرض، فإن القادم من الأمور سيكون أخطر بمراحل من فرعيات أو إزالات أو ما شابه، حينها وحينها فقط ستتحول الفرعيات التي لا يراها أحد الآن إلى أساسيات.

قد يحتار المرء في تفسير حالة التوترات والاحتقانات التي سادت البلاد في الشهور الماضية، وقد يرى بعضهم أن «التوتر» الحاصل في الأيام الماضية حول موضوع «الفرعيات» ليس إلا من مستلزمات الأشياء، وإن كانت الأمور تسير بشكل ينبئ بما هو أكبر، وربما يكون الخافي أعظم.

كنت ومازلت من المعارضين لتجريم الانتخابات الفرعية، فهي ليست من أنواع السلوك السياسي الذي نستطيع وقفه بقانون أو بقرار إداري، كما أن قانون التجريم نفسه يحمل في طياته شبهة دستورية.

فعلى الرغم من رفضي الانتخابات الفرعية على أسس قبلية أو طائفية، فإن التعامل معها لا يمكن أن يتم من خلال قانون، فهي قد أصبحت جزءاً من سلوك خاطئ رعته، وشجعته الدولة منذ زمن بعيد.

وحيث إنني كنت من أولئك الذين درسوا ظاهرة الفرعيات منذ بروزها على السطح بصورة ملحوظة إبان انتخابات 1975، فقد كان يلاحظ عليها تشجيع ودعم الحكومة لها والتدخل في حيثياتها وتفاصيلها، وكان الدور الحكومي المكشوف آنذاك يسعى إلى ضمان عدم حدوث «اختراقات» انتخابية من حواضن اجتماعية كانت تمثل قواعد أساسية في دعم الحكومة في البرلمان.

كما كان ملحوظا في انتخابات 1981 حدوث تطور أخطر، حيث أجريت بشكل رسمي وبمشاركة حكومية بارزة أول انتخابات فعلية على أساس طائفي مستغلين ظروف الاحتقان الطائفي إبان الحرب العراقية الإيرانية. وقد سعى منظموها إلى نقلها إلى دوائر أخرى من دون جدوى، فظلت المسألة محدودة وتراجعت بعض الشيء من حيث الشكل على الأقل، وربما كان للموقف الوطني المتماسك في وجه الغزو أثراً كبيراً في تحييد الانتخابات الطائفية الفرعية إلى حد بعيد، وأملنا ألا تعود بأي شكل من الأشكال.

إلا أن الانتخابات الفرعية القبلية استمرت في حضورها وفعلها السياسي بالدفع الذاتي، بل إنه حتى مع صدور قانون بتجريمها عام 1998 فقد أجريت ثلاثة انتخابات نيابية لاحقة (1999 - 2003 - 2006) ومورست فيها جهارا نهارا وبأدوار حكومية، أو شبه حكومية متباينة.

ومع موقفي المتحفظ على القانون، إلا أنه وقد صدر فقد بات على الجميع الانصياع له من دون محاولات مستميته للالتفاف حوله على رؤوس الأشهاد، وفي المقابل فإن الحكومة عليها ألا تتعسف في استخدام القوة بأي شكل من الأشكال، وعليها التحقيق في أي شكاوى وردت باستخدام مفرط للقوة، حماية للقانون واحتراما لحقوق الإنسان.

إلا أنه بالمقابل هناك أحاديث كثيرة تدور حول أن ذلك الاحتقان وافتعال تصعيد الأزمات بما في ذلك الفرعيات، إنما وراءه رؤية واضحة لدى بعضهم، وتتلخص تلك الرؤية باستهداف الديموقراطية والدستور، واستغلال حالة التوتر في تبرير تأجيل الانتخابات بسبب عدم استقرار الأوضاع، ومن ثم الانقلاب الكامل على النظام السياسي المحمي بالشرعية الدستورية.

إن كان هناك من يسعى إلى ذلك حقا، وإن كان ما يجري من احتقان، ناتج عن استخدام ذلك البعض أدواته على الأرض، فإن القادم من الأمور سيكون أخطر بمراحل من فرعيات أو إزالات أو ما شابه، حينها وحينها فقط ستتحول الفرعيات التي لا يراها أحد الآن إلى أساسيات، وستصبح المواجهة المؤكدة بين أولئك الذين يريدون الانقلاب على النظام الدستوري في الكويت وجموع المواطنين الكويتيين بشتى تلاوينهم وفئاتهم وانتماءاتهم ومذاهبهم، وهي ستكون مواجهة أساسية لا فرعية، فهل نحن بحاجة إلى ذلك كله؟ وهل يتحمل الوطن كل ذلك؟

أعاننا الله على ما هو قادم!!

back to top