أشار بإصبعه إلى القمر في السماء اللامحدودة...
نظر التلميذ إلى الإصبع الممدودة. قال معلمهُ: إذا حدّقت بالإصبع فقدت نعمة الإحاطة بكل هذا الجمال الإلهي... ثم نصح تلميذه الغضبان: انفعل، لكن من دون غضب. هذا حوار دار بين معلم فن القتال «بروس لي» وتلميذه المتدرب في فيلم «Enter The Dragon»، وهو آخر أفلام فنان القدرة القتالية، وأقول إنه فنان لا ممثل، لأنه يقوم بأداء حقيقي وليس تمثيلاً. «بروس لي» الذي عرفته وشاهدته واكتشفته بعد 33 سنة من وفاته، وبعد إصرار ابني وإلحاحه، وإعجابه اللامحدود بالبطل، الذي جاء اكتشافي له متأخراً جداً. كنا نعيش في زمن واحد... شهرته تسبقني في السفر... تداهمني صوره في كل العواصم... تحط في الحل والترحال... الرمز... الأسطورة... المحبوب والمعبود من الشباب، لم يثر حماسي، ولم يدفعني إلى مشاهدته، حتى ولو من باب الفضول الذي أتميّز به، بصراحة خجلتُ مني... فلأول مرة أدرك... فضولي خذلني. يجب ألا نغلق الأبواب التي لا تستهوينا، قبل اكتشاف ومعرفة وتذوق ما خلفها... الخطأ في إصدار الأحكام المسبقة... هذا أحبه ويندرج في لائحتي... وذاك لا يندرج في اللائحة ذاتها، فُيلغى. يا الهي كيف سقط هذا العبقري من حسبتي؟! بكل معنى... ليس له مثيل... رجل قتال غير عادي... هل أشبهه بالريح حين تضغط زناد الزوبعة؟... أم أنه انسياب الماء في المرونة؟ أم فيضان الطاقة عن المألوف! نحن أمام اختراق عاصف لمفهوم الومضة... الجسد هنا يتحدى جنسه... حركته لا يمكن القبض عليها... أسرع من ومضة... لدرجة تدفع بالكاميرا إلى أن تبطئ حركته بثلاث درجات، حتى تتمكن العين من قنص الصورة. أي عبقرية يمتلكها الجسد الإنساني، ولم نكتشفها بعد؟ هذا الجسد الراشق فورانه في إعصار لا يعرف معنى الهزيمة... استنفار لخلايا وأعصاب لا تهدأ إلا بنصر مضمون. بصراحة أدهشني جسده وقدراته المذهلة... إنه الإنصات والفهم لكل نابض فيه... وملامسة الحواس لليقظة التامة... والاستحواذ على الهدف في انقضاض سريع. «بروس لي» فيلسوف مقاتل... درس الفلسفة في جامعة واشنطن... ولد في 27 نوفمبر 1940 وتوفي في 1973 عن عمر 33 عاما. • من أقواله: أنا سعيد لأنني أنمو كل يوم... ولا اعلم أين هي الحدود... وكل يوم هو ثورة واكتشاف جديد... ذكرياتي السيئة حصنت عقلي وزادت كنزي. •ومثل كل واحد... أنت تريد أن تتعلم طريق الفوز... لكن لن تقبل طريق الخسارة... ولتقبل الهزيمة، تعلم الموت لتتحرر منه... وحين يأتي الغد تحرر من طموح عقلك وتعلم فن الموت. رجل لم يهب الموت، وان غادر على عجل...
توابل - ثقافات
اكتشافٌ متأخّر جداً
04-02-2008