آل غور...ونجم سهيل اليماني!

نشر في 13-09-2007
آخر تحديث 13-09-2007 | 00:00
 د. ساجد العبدلي في أواخر شهر أغسطس الماضي كنت في أحد المجالس فدار الحديث عن شدة حرارة الجو، فقال أحد الحاضرين إن نجم سهيل قد ظهر ومن المفترض أن تبدأ الحرارة بالانخفاض وأن يتحسن الجو خلال الأيام المقبلة، لكن الأمر تأخر على غير العادة.

لم أتوقف كثيراً وقتها عند هذه الفكرة، لكنها لمعت في رأسي منذ أيام حين استذكرت مشاهدتي لفيلم «An Inconvenient Truth» الذي يمكن ترجمته حرفياً إلى حقيقة غير مريحة، وهو الفيلم الوثائقي الذي قدمه نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور، وأخرجه ديفيد جاجينهايم، وحاز جائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي لعام 2007م.

يدور هذا الفيلم المهم الذي عرضته كثير من دور السينما حول العالم بالرغم من كونه فيلماً علمياً وثائقياً، حول فكرة الاحتباس الحراري التي تعني بتبسيط شديد الارتفاع المستمر لحرارة جو الأرض بسبب استمرار وتزايد الانبعاثات الغازية الناتجة غالبا عن حرق الوقود العضوي.

قد لا يعني هذا المصطلح العلمي لأغلب الناس شيئا حتى بالرغم من كثرة تردده في وسائل الإعلام، لكن الحقائق التي أظهرتها الدراسات العلمية في السنوات الأخيرة تؤكد أن البشرية جمعاء تجلس على ما يشبه القنبلة الموقوتة بسببه، وأنه في خلال السنوات العشر المقبلة على أبعد تقدير، وما لم يتغير المعدل الذي ترتفع فيه حرارة الأرض بسبب احتباس الحرارة في غلافها الجوي، فإنها معرضة لمواجهة كوارث ضخمة لم تشهدها من قبل، كموجات الحرارة الشديدة في أقاليم وبلدان لم تعهد ذلك، وانتشار مواسم القحط في أماكن أكثر حول العالم، وحصول طوفانات في كثير من البلدان الساحلية بسبب ذوبان الثلوج القطبية المؤدية الى ارتفاع مناسيب البحار، وانتشار الأوبئة كوباء الملاريا وغيره.

يحاول آل غور من خلال هذا الفيلم الرائع الذي هو جزء من مسيرة كرس لها حياته من بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه آنذاك الرئيس الحالي جورج بوش الابن بفارق ضئيل مشكوك في صحته، أن يجذب انتباه العالم إلى هذه الحقائق غير المريحة، وأن يقول بصوت عال إن مسألة الاحتباس الحراري ليست مسألة سياسية بحتة معلقة بيد الزعماء والساسة، بل إنها مسألة مرتبطة بكل فرد على هذه الأرض، ويحاول أن يشرح كيف يمكن لنا جميعا كبشر نعيش على هذه الأرض ونرتبط بمصيرها المشترك بعيداً عن فوارق العرق والدين والثقافة، والحواجز التي خلقتها مطامع السيطرة والاستحواذ والاستعلاء، أن نواجه المستقبل المهدد بهذه الكوارث العظمى.

ما جاء بهذه الفكرة في رأسي مقترن بظهور نجم سهيل، هو السؤال: هل يا ترى جال بخاطر الفلكيين الأوائل الذين ربطوا ظهور نجم سهيل اليماني بتغير الطقس، بأن شيئاً اسمه الاحتباس الحراري سيظهر، وأن هذا النجم الذي كانوا يستبشرون به لاقتراب موسم الوسم، سيفقد معناه ودلالته حين تتبدل الظروف الجوية في كل بقاع الأرض بسبب ما تقترفه يد الإنسان؟ لا أظن!

الفكرة الأخرى التي شاغبتني بشكل أعنف من سابقتها هي كيف أن أبناء الأمم الأخرى ينطلقون في أصقاع الدنيا ليواجهوا كارثة الاحتباس الحراري الذي يتهدد الناس جميعا، ونحن لانزال نقلب وجوهنا في السماء بحثاً عن نجم سهيل ليخبرنا عن تحسن الطقس وقدوم الوسم؟!

وهل تراه سيكون من قبيل جلد الذات والتكرار الممل لو ختمت المقال بالتساؤل إلى متى سنبقى عالة على بقية أمم الأرض نأكل مما تزرع ونلبس ونركب، بل نتسلح بما تصنع، ونسير في ركاب التابعين بلا حول ولا قوة؟ ما رأيكم؟!

back to top