ما قل ودل: الجدل الدستوري حول تقليد المرأة الوزارة
تحت عنوان «الزلزال الذي حدث في المفاهيم والثقافة الانتخابية» تناولت يوم الاثنين الماضي، تحليل النتائج التي أفرزتها انتخابات السادس عشر من مايو الماضي، وأنها كانت ثمرة نضال طويل للمرأة في كل المجالات، ومن بينها المجال السياسي، الذي تبوأت فيه المرأة بحق حقيبتين وزاريتين، احتلت بهما مقعدين نيابيين، وكيف أثبت أداؤها الوزاري والنيابي جدارتها بهذا الفوز الذي حققته في صناديق الانتخابات. وأذكر في هذا السياق بعد صدور المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999 بمنح المرأة حقوقها السياسية، أنني تمنيت، أن تقلد المرأة منصباً وزارياً أو أكثر، عند إعادة تشكيل الوزارة في بداية الفصل التشريعي التاسع (1999- 2003)، لقناعتي الكاملة بأن المرأة سوف تثبت وجودها في المنصب الوزاري وفي الممارسة البرلمانية، وإنه الاختبار الحقيقي لها قبل أن تخوض المعارك الانتخابية.
وكانت نصوص الدستور تسمح بتقليدها المنصب الوزاري، لأن المادة (82) من الدستور قد اشترطت في عضو مجلس الأمة (أن تتوافر فيه شروط الناخب وفقاً لقانون الانتخاب)، وهي الشروط التي توافرت فيها، بالمرسوم بقانون الذي منحها حق الانتخاب، ومن ثم فإن تقليدها المنصب الوزاري، يكون صحيحاً ولو لم تكن قد أدرجت في جداول الانتخاب، لأن شرط الإدراج في هذه الجداول، قد تطلبه قانون الانتخاب، للترشيح لعضوية مجلس الأمة، وهي المرحلة الأولى لخوض المعركة الانتخابية، أي باعتباره شرط ضرورياً لكي تكتسب عضوية مجلس الأمة بطريق الانتخاب، وليس بالطريق الذي حددته المادة (80) من الدستور فيما نصت عليه من اعتبار الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم. ولعله من المفيد أن نشير إلى أن توافر شروط الناخب هو شرط للإدراج في جداول الانتخاب، أي أنه أمر سابق على هذا الإدراج. والواقع أن هذا الرأي وإن صادف صحيح حكم الدستور والقانون، إلا أنه لم يصادف صحيح المفاهيم والثقافة السائدة في هذا الوقت، التي استبانت من خلال ردود فعل عنيفة ضد المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999. فقد كان هذا المرسوم إحدى قضايا الطرح الانتخابي في الانتخابات التي جرت لهذا الفصل، وانتقد المتشددون من الإسلاميين هذا المرسوم وقال البعض إن صوت المرأة حرام ولباسها حرام وسفرها حرام وخلوتها حرام، وأقحم خطباء المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، قضية حقوق المرأة في خطب الجمعة منددين بمنح المرأة حقوقها السياسية، وتخفف بعض العلماء من نقدهم المرسوم بقانون، فأجازوا شرعاً منح المرأة حق الانتخاب دون حق الترشيح في الوقت الذي اعتبر فيه البعض رفض إقرار مجلس الأمة لهذا المرسوم بقانون إضراراً بسمعة الكويت الدولية. ولعله كان مأخوذاً في الاعتبار كذلك، عند أول تشكيل للوزارة، بعد صدور المرسوم بقانون بمنح المرأة حقوقها السياسية، أن تقليد المرأة منصباً وزارياً في هذا التشكيل، سوف يجعل وجودها في هذا المنصب، رهناً بقرار من مجلس الأمة- في غير استجواب يوجه إليها- وهو القرار الذي سوف يصدر- طبقاً للصلاحيات المقررة للمجلس بموجب المادة (71) من الدستور- بإقرار أو عدم إقرار المرسوم بقانون القاضي بمنح المرأة حقوقها السياسية، إذ يترتب على رفض إقرار هذا المرسوم، اعتبار هذا المرسوم بقانون كأن لم يكن من تاريخ صدوره، واعتبار شغل المرأة للمنصب الوزاري كأن لم يكن من تاريخ تقليدها هذا المنصب، وهو ما يعرض قراراتها وكل ما مارسته من صلاحيات للبطلان والطعن عليها أمام القضاء. ولم يحالف الحكومة أو المناصرين لحق المرأة السياسي التوفيق، في إقرار المرسوم بقانون بمنح المرأة حقوقها السياسية لرفضه بجلسة 23/11/1999، كما لم يحالفهم التوفيق أيضاً في اقتراح بقانون قدم بمنح المرأة حقوقها السياسية، لرفضه من المجلس بجلسة 30/11/1999. وفي مقال لي بصحيفة «القبس» بتاريخ 30/11/1999، طرحت سؤالاً في عنوان المقال (ماذا بعد قرار مجلس الأمة؟ هل تلجأ المرأة الى المحكمة الدستورية؟) اعتبر البعض هذا العنوان سؤالاً تحريضياً للمرأة باللجوء إلى القضاء، وبالفعل خاضت المرأة معركتها أمام القضاء. وللحديث بقيـة إن كان في العمر بقيـة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء