«كاريوكي» أحد أحدث الأفلام المصرية، وضمن أعمال عيد الفطر الستة الأخيرة، وهو الفيلم الأول لمخرجه أحمد عويس، والأول لكاتبه أحمد عيسى، من بطولة منة فضالي وشريف مكاوي وعمر خورشيد وصفا تاج الدين.

Ad

تأجّل الفيلم مراراً خلال مراحل تنفيذه المختلفة، ليخرج أخيراً من العلب، لمجرد الربح المادي، من دون عناية حقيقية في الكتابة أو الإخراج وغيرهما من العناصر الفنية.

حسن كاريوكي (عمر خورشيد) شاب طموح ومتفائل بالنجاح دائماً، وعلى العكس من طبيعته نجد صديقه كريم (شريف مكاوي). يقرران افتتاح ملهى للتغلب على البطالة ويطلقان عليه اسم «كاريوكي»! يمران بمشاكل مستمرة، فتبدو طبيعة الصديق المتشائم ونظرته الأقرب إلى الواقع، حتى أن الملهى نفسه يحترق، ويبدو شؤماً على كل من يعمل فيه.

لكن لا تلبث الأحوال أن تتحسّن، ويزداد المدخول، خصوصاً مع عدم اليأس على رغم الصعوبات، فتأتي النهاية سعيدة يفرح فيها ويتزوج الجميع ويرقصون ويغنون.

جاء «كاريوكي» على درجة واضحة من السذاجة والاستسهال، حتى في التكلفة المحدودة، كان بالإمكان صنع فيلم أنضج بالإمكانات نفسها. إنه، كما معظم أفلام العيد، أقرب إلى أعمال المقاولات التي تكلّف قليلاً والمطلوب منها الربح الكثير.

لا يُستثنى من أفلام العيد الستة إلا «زي النهاردة»، وقد كان بالإمكان استثناء «قبلات مسروقة» أيضاً إلا أنه ضحّى بفكرته وبفرصة تقديم فيلم جيّد متماسك، لمغازلة شباك التذاكر ومخاطبة الغرائز! والفرق ليس كبيراً بين أفلام «آخر كلام» و{شبه منحرف» و«الزمهلاوية» واستخفافها بقيمة الفن وعقليّة المشاهد.

الغريب أن مخرج «كاريوكي» يجد الجرأة ليقول عن فيلمه: «إنه قادر على المنافسة وتحقيق نجاح غير عادي لأنه من الأعمال السعيدة... فأبطاله يحبون الفرح ويحرصون على ترداد أغنيات مطربين مشهورين!».

مَن «المطرب» شريف مكاوي في عالم الغناء؟ ومن عمر خورشيد، سوى أنه نجل الممثلة علا رامي وقد شاركت في إنتاج الفيلم وظهرت في بضعة مشاهد من أجله!

ذلك المستوى من الركاكة الذي رأيناه في أفلام العيد، يختلف حتى عن مستوى أفلام الفكاهة الخفيفة على مدار العشر سنوات الماضية (ما بعد «إسماعيلية رايح جاي» 1997)، ويعود بنا إلى السلسلة الرديئة التي عرفت بـ «أفلام المقاولات»، وفيها لا نرى فيلماً خفيفاً بلا مضمون فحسب، بل أيضاً من دون «ألف باء» الحرفية السينمائية!

لكن كما كان منتجو أفلام المقاولات يعرفون من أين تؤكل الكتف، ويرتّبون أوضاعهم في السوق على نحو يكسبون فيه، ومهما كانت الظروف، فكذلك يرّتب منتجو الأفلام الجديدة الركيكة أوضاعهم، وهم على اتفاق مع محطات وفضائيات تلفزيونية لبيع أعمالهم التي تشغل مساحات مطلوب ملؤها، وحتى لو عرضت مرات قليلة فإن تلك «العملية التجارية» ستكون في النهاية مربحة... وخطورة الربح في هذه الأحوال أنه يشجع على إنتاج مزيد من الأشرطة الفجة، فيحل بذلك مكان العمل الجاد استخفاف شديد بالسينما.

الجادون في السينما المصرية يحاولون فرض وجودهم، خصوصاً خلال السنتين الماضيتين، بأفلام تتجاوز الاقتصار على سينما الفكاهة و«الفارس» الخفيفة، وبالعودة إلى إنتاج أنواع أشكال فنية مختلفة عرفتها السينما العربيّة والعالمية، لكن المعركة أمام هؤلاء صعبة وشرسة، لأن في مواجهتهم أولئك الذين يستشرون ويصرّون على «آخر كلام» و«شبه منحرف» و«كاريوكي»!