Ad

رغم الإغراءات والتهديدات التي تساقط أمامها كثيرون، فإن الدكتور أحمد الخطيب بقي مخلصا لمبادئه وبرامجه ووعوده الانتخابية، ورغم مشاغله وضغوط عمله كطبيب وكنائب للشعب، فإنه لم يبتعد قط عن الناس وهمومهم، وبالرغم من ذياع صيته على المستويات المحلية والعربية والعالمية، فإنه كان محصنا ضد الغرور.

حمل تاريخ الكويت قصصا للعديد من الشخصيات العظيمة التي كان لها أثر واضح في بناء الكويت وتحولها من «إمارة إلى دولة». ولكل منهم خلفية خاصة حددت مساره تجاه الدور المميز الذي سجله التاريخ. فمنهم من كان من الأسرة الحاكمة كالمرحوم عبدالله السالم الذي بحكم منصبه ووضعه الاجتماعي كان خير من يضع أسس الدولة المدنية في تلك الفترة الزمنية الحرجة. آخرون مثل عبدالعزيز الصقر رحمه الله الذي أيضا بسبب تمثيله لطبقة التجار ملك النفوذ لفرض المشاركة الشعبية وللتأثير إيجابا على سياسية الدولة الداخلية والخارجية.

هذا لا يعني أن تاريخ الكويت السياسي لم يتأثر بأحد من عامة الشعب الذين لم يحظوا بنفوذ اقتصادي أو امتداد قبلي أو اجتماعي. فالدكتور أحمد الخطيب مثال مميز عن هؤلاء. فهو- على عكس الكثيرين من الساسة من جيله ومن بعده- جمع بين الفكر والثقافة والمهنية من ناحية والأخلاق والقدرة المميزة على التواصل والتأثير على الجماهير من ناحية أخرى. فهو قادر على مقارعة أعتى الساسة والمفكرين وفي الوقت نفسه يمكنه إيصال أفكاره للعامل البسيط والأمي وكبير السن والشاب غير المكترث بالسياسة.

ورغم الإغراءات والتهديدات التي تساقط أمامها كثيرون، فإنه بقي مخلصا لمبادئه وبرامجه ووعوده الانتخابية، ورغم مشاغله وضغوط عمله كطبيب وكنائب للشعب، فإنه لم يبتعد قط عن الناس وهمومهم، وبالرغم من ذياع صيته على المستويات المحلية والعربية والعالمية، فإنه كان محصنا ضد الغرور والشكليات والماديات، ورغم شجاعته في الطرح ونقده اللاذع للسلطة، فإنه حظي باحترام كل من تصدر سدة الحكم، وسعى البعيد في السلطة قبل القريب لاستشارته ووساطته لحل خلافاتهم ومشاكلهم.

كثيرا ما تساءلت عن الظروف التي خلقت قياديا بنفس عظمته وفشلت في خلق غيره. كيف يجتمع في شخص واحد هذه الموهبة والسلطة والملكة ولا تفسده كما أفسدت الكثيرين قبله وبعده. وأسعدني الحظ يوما أن أسأله مباشرة. لِمَ لم تنجب الكويت أحداً آخر مثله؟ وبابتسامة خجولة أجاب «أعتقد أنها الظروف الموضوعية»... فقد أتيت من بيئة متواضعة جدا علمتني أهمية العمل والجد والاجتهاد، وكُتب لي أن أخرج إلى العالم وأن أتعلم وأتثقف في أفضل الجامعات وأكثر البيئات السياسية رقيا وتنوعا! هكذا وببساطة شرح معادلة بناء الأسطورة التاريخية من دون أن يعطي نفسه وإرادته أي فضل، متناسيا الآخرين ممن أتوا من أصول متواضعة وسقطوا عند أول اختبار في المال والذمة وتنكروا لأصولهم ولبسوا أثوابا ليست لهم.

الآن وقد بدأ يوثق تجاربه للتاريخ وللأجيال التي لم يحالفها الحظ في التعامل معه ترتفع أصوات الجرذان وخفافيش الليل والمرتزقة محاولة النيل منه وتلطيخ سمعته، ولكن نقول لوالدنا ودكتورنا الغالي:

«إذا أتتك المذمة من ناقص       فهي الشهادة لك بأنك كامل) **

... أكمل مسيرتك ودع من ينبح خلفك.

* بيت لأبي العلاء المعري بتصرف

** بيت للمتنبي بتصرف