إرهاب أميركي بالوكالة

نشر في 01-06-2009
آخر تحديث 01-06-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني تناقلت وكالات الأنباء العالمية يوم الجمعة الثلاثين من أيار/مايو المنصرم نبأ تفجير انتحاري تعرض له أحد مساجد المسلمين الشيعة في مدينة زاهدان عاصمة الإقليم الجنوبي الشرقي لإيران المعروف بإقليم بلوشستان ذي الأكثرية المسلمة السنية، حيث سقط عشرات الشهداء من المدنيين الأبرياء، بينهم أطفال ونساء لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا يحضرون مناسبة دينية تحيي وفاة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول ابنة نبي الإسلام محمد المصطفى (صلى الله عليه وسلم).

ولم تمر ساعات على ذلك النبأ حتى تناقلت وكالات الأنباء هجوما لمسلحين مجهولين على مركز انتخابي للرئيس محمود أحمدي نجاد في نفس المدينة سقط خلاله ثلاثة جرحى بينهم طفل.

لم يتبن أحد رسميا الهجومين الإرهابيين، لكن المسؤولين الإيرانيين اتهموا واشنطن بالوقوف وراء هذين الهجومين الوحشيين، مباشرة أو بالواسطة.

قليلون هم من يعرفون بأن المخابرات المركزية الأميركية ترعى منظمة إرهابية باسم «جند الله» تحت عنوان الدفاع عن حقوق أهل السنّة والجماعة، مقرها الشريط الحدودي الباكستاني مع إيران جنوب شرق الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنه سبق لهذه المنظمة أن قامت بعدة هجمات انتحارية مشابهة في المنطقة نفسها.

وقليلون هم من يعرفون أيضا أن المخابرات المركزية الأميركية وجيشها الغازي للعراق يقوم برعاية منظمة إرهابية أخرى باسم «منظمة حزب العمال الكردستاني الإيراني اليسارية» (بيجاك) وهي المنظمة المسؤولة عن قتل مئات المدنيين الإيرانيين من الكرد وسائر القوميات الإيرانية الأخرى، بالاضافة إلى عدد لابأس به من المسؤولين الحكوميين المدنيين والعسكريين المنتشرين على امتداد الحدود الإيرانية مع العراق في الشمال الغربي من حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وقليلون هم أيضا من يعرفون أن هذه المؤسسة الأميركية الاستخباراتية ومعها الاستخبارات البريطانية هي من ترعى وتشرف على مجموعة من المتمردين المطلوبين للعدالة من عرب محافظة خوزستان الشيعة ممن يحملون وزر سقوط مئات الشهداء والجرحى المدنيين من بني جلدتهم من المدنيين ومن قوى الشرطة والحرس الثوري الإيراني أثناء تعرضهم لهجمات بالقنابل والأسلحة الرشاشة المسلمة إليهم من قبل تلك المخابرات عبر الحدود العراقية الإيرانية جنوب غرب البلاد.

وقليلون هم أيضا من يعرفون أن المخابرات المركزية الأميركية هذه أي منظمة الـ«سي آي إي» هي من منعت وعلى امتداد السنوات الست الماضية من احتلالها للعراق، سقوط وتفكك معسكر أشرف الذي يضم المئات من أعضاء منظمة خلق الإيرانية المسلحة المعارضة الموضوعة على لائحة الإرهاب الدولي، نتيجة ثبوت الأدلة القاطعة ضدها بتورطها في أعمال إرهابية ضد المدنيين الإيرانيين، من تفجيرات للأسواق، واغتيالات للناس العاديين، وصولا إلى تفجير تجمعات حكومية وشعبية عديدة طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات.

وربما أخيرا وليس آخرا فإنهم قليلون أيضا هم من يعرفون أن معهد إنتربرايس الأميركي التابع للمحافظين الجدد قد قام مبكرا بتدوين دراسة ميدانية عن تقسيمات الشعب الإيراني الإثنية، مقسما إياها إلى 83 قسما ينتمون إلى مختلف الملل والنحل والأقوام والعرقيات التي تتشكل منها الأمة الإيرانية، وذلك في إطار خطط مبكرة لتقسيم وتفتيت هذه الأمة، وزرع الفتن والحروب العرقية والقومية والطائفية والمذهبية بين أبناء الجسم الواحد منها، بهدف احتواء طموحات الاستقلاليين الإيرانيين الذين أتوا إلى الحكم في العام 1979 في إطار ثورة شعبية فريدة من نوعها شكلت قيامة جديدة للأمة الإيرانية منذ آلاف السنين.

هذه المعلومات التي باتت مثبتة في ذاكرة الناس العاديين كما في ذاكرة رواد الاستقلال الإيراني من الطبقة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم، إنما تشكل في الواقع الخلفية الحقيقية لكل أشكال التوتر والصراع الدائر منذ نحو ثلاثة عقود بين طهران الثورة وطهران الاستقلال وطهران القيامة الإيرانية الجديدة من جهة، وبين واشنطن الشيطان الأكبر وواشنطن الهيمنة والأطماع الإمبراطورية التي لم تكن لتتحمل خروج واحدة من أهم ركائز دعم السياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة منذ العام 1979 من جهة أخرى.

وهي نفسها الخلفية الحقيقية لكل أشكال الحروب والفتن الطائفية والمذهبية التي أشعلها هذا الشيطان منذ غزوه لأفغانستان ومن ثم للعراق بحجة مكافحة الإرهاب.

وهي نفسها الخلفية الحقيقية لمحاولات السيطرة على لبنان، وكل ما رافقتها من حروب داخلية وغزو وحشي للبنان في العام 1982، وحربين مدمرتين ضد لبنان وفلسطين في العامين 2006 و2009 وما رافقهما وتبعهما من تداعيات مروعة ضد السلم والاستقرار الأهليين.

إنه الإرهاب الأميركي المنظم ضد شعوبنا، الذي يخاض على مراحل وبأشكال متعددة ومتنوعة مرة بشكل مباشر ومرة بالوكالة والواسطة.

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top