إذا كان تهريب السلاح شرفاً... فلماذا لا تهربونه من أرضكم؟

نشر في 20-04-2009
آخر تحديث 20-04-2009 | 00:00
 د. عبدالحميد الأنصاري أن تجتاز حدود دولة أخرى بأوراق مزورة وتنشئ خلية تنظيمية تقوم بتهريب السلاح وتخزينه وترصد السفن العابرة والمناطق السياحية في سيناء وتراقب تجمعات السياح الإسرائيليين من وراء ظهر الدولة، وتدعي بعد ذلك أنك تريد دعم المقاومة، فهذا عمل غير مسؤول ويصعب تصديقه، فالأعمال المنافية للقانون والتي من شأنها الإضرار بمصالح الدولة والإخلال بأمنها، هي جرائم مهما كانت مبررات ونوايا أصحابها، والأهداف المشروعة لا تخدم إلا بطرق مشروعة.

 وكان الأحرى بالسيد حسن نصرالله أن يعتذر للشعب المصري ولحكومته عن خليته لا أن يتباهى بها، فقد أساءت إلى سمعته وأكسبته غضب المصريين وقيادتهم، ولو قبلنا منطق السيد نصرالله في التدخل بشأن الآخرين بحجة نواياه الحسنة، فعلينا أن نقبل منطق من يسرق بحجة مساعدة المحتاجين، وعلينا أن نقبل مبررات القراصنة الصوماليين الذين يقولون إن عملهم يأتي كرد فعل ضد قرصنة صناعة الصيد الدولية التي حرمتهم من (التونا).

 وقد أيد زعيم عربي كون القرصنة نوعاً من التصدي للأمم الغربية الجشعة ودفاعاً عن لقمة عيش الأطفال، وهكذا ينبغي أيضاً قبول ذرائع زعيم «القاعدة» في أن عملياتهم هي من قبيل الانتقام لكرامة الأمة والأخذ بثأرها، يحار المرء في تفسير كيف يتورط «حزب الله» في مثل هذا العمل؟! هذا الحزب الذي يقول عنه أنصاره، إنه يخطط بذكاء وحنكة ومهارة ضد عدوه، ترى أين هذا الذكاء في هذا العمل المسيء؟! أين الذكاء في اقتحام بيروت بالسلاح؟! وأين الحنكة في استدراج إسرائيل لتدمير لبنان في يونيو 2006؟! وأين الحكمة في استهداف السفارة المصرية في بيروت بالحجارة؟! وأين المهارة في تحريض المصريين لاقتحام معبر رفح؟!

 إذا كان «حزب الله» يملك هذا الذكاء وتلك الحنكة فذلك حين يكون مالكاً لقراره لا تابعاً ومنفذاً لأجندة غيره، لأن الملاحظ على امتداد 3 سنوات الأخيرة ومن خلال رصد أعمال وتصرفات وتصريحات الحزب، افتقاد هذا الذكاء وتلك المهارة، كلنا مع المقاومة وكلنا مع دعمها ولكن من حقنا أن نتساءل: أي مقاومة ؟ وكيف تكون؟ وما وسائلها؟ من حقنا أن نختلف لكن لا ينبغي أن نتفرق ونتهم ونخون ونقتحم حدود الآخرين ونفرض عليهم اجتهاداتنا، هل من المقاومة المسؤولة أن أتسلل إلى بيوت الآخرين من غير إذنهم؟ وهل من المقاومة المشروعة أن أنتهك سياسة الدولة على أرضها؟ وهل من المقاومة الشريفة زرع عملاء من وراء ظهر الدولة وقوانينها؟ وكيف يسمح أمين عام «حزب الله» لنفسه التدخل في شأن غيره والعبث بأمن الآخرين؟ وهل يرضاه لإيران وللمعسكر المتعاطف معه؟ وهل هناك بلد في العالم يقبل تصرف «حزب الله» في مصر؟

من يريد المقاومة يأتي البيوت من أبوابها ولا يتسلل خفية كاللصوص! من يريد المقاومة لا يشتري الذمم ويستغل حاجة الناس لتجنيدهم في مشاريعه السياسية! حتى إذا انكشف قال: ما أردت إلا المقاومة!! هذا عبث ينبغي على الحزب الترفع عنه، سياسة إما أن تكون معي وتؤيد مخططاتي وإلا أن أورطك بشر أعمالي، سياسة عقيمة وقصيرة النظر، وإثمها أكبر من نفعها ولا تخدم القضية الفلسطينية، بل تعمق الانقسام والفرقة وعدم الثقة.

 لوكان زعيم «حزب الله» جاداً في دعم المقاومة، فلماذا استهداف مصر بالذات؟ ولماذا التركيز على مصر؟ ولماذا توريط مصر وهي الملتزمة بمواثيق دولية؟ وما المصلحة في جر مصر واستدراجها إلى مواجهة غير متكافئة؟ إذا كان السيد نصرالله يريد دعم المقاومة، أليس الأولى أن يدعمهم من الجنوب اللبناني أو المعبر السوري؟ هذا هو السؤال المطروح على أمين عام «حزب الله» والمدافعين عنه: لماذا استدراج وتوريط مصر بالذات؟! الجواب البديهي والواضح والمعروف لأي ناشئ في ميدان السياسة والعلاقات الدولية هو: لأن إيران على علاقة ملتهبة بمصر بسبب دورها الإقليمي الذي يحد من أطماع إيران في المنطقة، ولأن مصر هي الدولة العربية الكبرى القادرة على مواجهة الدور الإيراني التخريبي في المنطقة ذلك الدور الذي يستهدف زعزعة الأوضاع والإخلال بالاستقرار عبر تمويل الجماعات المناهضة للحكومات العربية، ولا سبب آخر لاستهداف مصر.

 والسؤال: لو كانت مصر على علاقة حسنة بإيران، هل كان «حزب الله» يستهدفها ويعمل على الإضرار بأمنها عبر اتخاذ خلية وتجنيد عملاء يقومون بأعمال من وراء ظهرها؟ لقد كشفت التحقيقات أن هذه الخلية كانت معدة لتنفيذ عمليات عدائية عقب خطاب نصرالله التحريضي للمصريين بالخروج على النظام إلا أن ضبط المتهمين أفشل تنفيذ ذلك المخطط، كما كشفت وسائل الإعلام أخيراً عن أن الغارة الإسرائيلية على قافلة الشاحنات التي كانت تحمل أسلحة عبر الأراضي السودانية مروراً بسيناء وانتهاء بأنفاق رفح السرية، لها علاقة بهذه القضية، لقد كان السلاح من إيران وكان السودان متعاوناً أو متساهلاً ولم يكشف أحد من الأطراف عنها شيئاً إلى أن تسربت إلى الصحف الأميركية أخيراً.

 من حق «حزب الله» أن يقول إن الاتهامات المصرية للحزب (سياسية انتقامية ) ومن حق إيران أن ترفض الاتهامات، وتقول إن هدفها التأثير على الانتخابات التشريعية اللبنانية، كما قد نتفهم تصريحات «حماس» التي قالت عن تلك الاتهامات بأنها (فبركة) بهدف الضغط على «حماس» لقبول شروط الرباعية، كل هؤلاء من الطبيعي أن يدافعوا ويناوروا ويتهموا، لكن ما ليس مقبولاً ولا مستساغاً، موقف مرشد الإخوان في مصر (مهدي عاكف) صاحب المقولة المشهورة «طز في مصر « الذي وقف مدافعاً عن «حزب الله» وزعيمه وقال: إن كل ما يقال عن مخططات «حزب الله» في مصر (تهريج).

 لا أدري هل يعي المرشد ما يقول؟ وهل يدرك ما يدول حوله؟ وهل يتابع ما يحصل في الساحة السياسية؟ وكيف ينكر المرشد وقد اعترف صاحبه علناً وعلى الملأ بتبعية الخلية وزعيمها لـ«حزب الله»؟! ما معنى ذلك وما دلالاته؟ المعنى الوحيد لهذا المسلك، أن جماعة الإخوان تقدم الانتماء الأيديولوجي على الانتماء الوطني.

والمفترض في جماعة سياسية معارضة ومهما كانت خلافاتها وخصوماتها مع حكوماتها أن تقف معها في هذا الموقف الذي يهدد أمن واستقرار الوطن، لكن لا غرابة في هذا الموقف لأن الاثنين: «حزب الله» و«الإخوان» يغرفان من نفس البئر الفكرية والسياسية، كل بدلوه الخاصة السني والشيعي، لكن الماء واحد كما يقول مشاري الذايدي، ولماذا نستغرب من موقف «الإخوان» المتماهي مع الأجندة الإيرانية في المنطقة بعد أن تحولت إلى جماعات قومية عروبية كانت مناصرة لصدام ومعادية لإيران إلى تأييد المشروع الإيراني في المنطقة؟!

 ويبقى أن نقول للرئيس اللبناني الأسبق سليم الحص إذا كانت الاتهامات المصرية للحزب (وساماً) و(فخراً) فلماذا أخذتم على صاحبكم مواثيق بعدم دعم المقاومة من أراضيكم؟! ألستم أنتم أولى بهذا الوسام والفخر؟!

* كاتب قطري

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top