مثلما تجرأت الحكومة بإزالة الدواوين المتعدية على أملاك الدولة، يجب أن تحذو الآن الطريق نفسه في مكافحة الاتجار بالإقامات عبر إسقاط نظام الكفيل.أول العمود: لن تجد مسرحية عدم وجود ماء بارد لطلبة المدارس طريقها في السنة الدراسية القادمة، وذلك لبركات شهر رمضان!
***
ردود الفعل الرسمية التي تلت حادث إضراب العمال البنغال لم تخرج عن طبيعتها المعهودة السابقة، ولم نلحظ أي خطوة حقيقية نحو إعلان برنامج محدد المعالم والمدة لإنهاء معاناة العمالة في الكويت. ونلاحظ أيضا أن أياً من المسؤولين لم يجرؤ على نقد نظام الكفيل، وهو أساس المشكلة. وبدلا من ذلك انصب الاهتمام على أمور هامشية وجزئية كتحديد سقف الرواتب بين 40 دينارا للعامل و70 دينارا للحراس! والمعروف للجميع أن هذه الأرقام معروفة وتعتمدها عقود العمالة منذ زمن، لكن المشكلة في عدم تسلم هذه الرواتب المتدنية، وهو ما يخلق الإضرابات ويثيرها الواحد تلو الآخر.
نظام الكفيل الذي تتجاهله الدولة لعقود طويلة، وتضرب بتوصيات ونصائح منظمة العمل الدولية عرض الحائط، يُدر على الكثير من الكفلاء سيئي السمعة مبالغ طائلة لا يمكن أن يتم التنازل عنها بسهولة، لأنها باتت تشكل «محركا» قويا لاقتصاد فاسد وغير خفي، ويتطلب وقفه قرارا رسميا مدعوما من البرلمان وبشكل جريء وصارم.
ومثلما تجرأت الحكومة بإزالة الدواوين المتعدية على أملاك الدولة، وكان الناس يراهنون على عدم جديتها في ذلك، فكان أن خيَّبت ظن كثيرين منهم، يجب أن تحذو الآن الطريق نفسه في مكافحة الاتجار بالإقامات عبر إسقاط نظام الكفيل.
كما أن أي حل يتجاهل حق العامل في الوصول إلى جهة الشكوى والتقاضي مهما كان ضعف هذا العامل، وعدم اتقانه اللغة أو قدرته على تحمل فترات زمنية لصدور الأحكام التي تخصه وتكاليف إقامة الدعوى، سيكون حلا قاصرا، ولن يُجدي وضع 9 خطوط هاتف ساخنة للشكوى يقف وراءها موظفون كسالى!
إن تعداد العمالة في الكويت لا يتناسب مع الانتقادات الشعبية والرسمية التي تدور دوما حول تعطل حركة التنمية والإعمار في الكويت، وهذا التزايد لا يمكن تفسيره إلا بوجود تجارة إقامات. ويبقى أن الحكومة ملامة بسبب إتاحتها الفرصة لممارسات الكفلاء في أن يضيفوا إلى سجل حقوق الإنسان في الكويت مزيداً من السواد، الذي نتأفف منه عقب صدور أي تقرير بهذا الشأن.