ب... بويات... بدون... بنغال

نشر في 08-08-2008
آخر تحديث 08-08-2008 | 00:00
 إيمان علي البداح ثلاث قضايا تختلف من حيث التاريخ والحجم والحدة، لكن العامل المشترك الأدنى بينها أن التعامل معها يتم من دون أي ضمير أو أي شكل من أشكال المهنية.

فقضية البدون؛ وهي الأقدم والأكبر من حيث الأثر الإنساني والاجتماعي، تحولت إلى ورقة مقايضة سياسية وطعم انتخابي مؤقت يُنسى فور ظهور نتائج الانتخابات، وها هي العقود تتوالى وتتطور فيها الوعود والحلول التي تتراوح ما بين التجريم والإبعاد إلى التصنيف والتجنيس من دون أي إجراءات عملية أو قرارات حاسمة، والنتيجة أجيال من البشر -إخواننا في الإنسانية- من دون تعليم أو خدمات أساسية أو أي من أبسط حقوق الإنسان التي ضَمَنها الدين والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

«البويات» وكل من يصنف تحت «الشذوذ الجنسي»، قد يشكلون الفئة الأصغر والأحدث نسبيا ممن يتعرضون لاضطهاد منظم وغير مفهوم في ظل دولة تدّعي المدنية والديمقراطية، وفي ظل مجلس تسيطر عليه قوى تدّعي حمل راية الإسلام الذي عرف بأنه دين الرحمة والعدالة، وهي أيضا انعكاس واضح ومباشر لدكتاتورية الأغلبية التي تفرض قيمها ومفاهيمها على الأقلية التي لا تختلف عنها في حقوق المواطنة والإنسانية.

أما وضع العمالة الهامشية بشكل عام والأحداث الأخيرة المتعلقة بالعمالة البنغالية، في استمرار مشين لمسلسل الاعتداء والتجني على الضعيف من دون اكتراث للآداب العامة أو التعاليم الدينية أو حتى القوانين والمواثيق المحلية والدولية. فتأخر الرواتب وتجارة الإقامات وظروف المعيشة والعمل لخدم المنازل وعمال النظافة ومن يقع في فلكهم، ممن لا يملكون السلطة الأدبية أو الوعي الثقافي أو الوزن الاقتصادي للدفاع عن حقوقهم والوقوف بوجه المتنفذين والمستفيدين، جميعها قضايا قائمة منذ أكثر من عشرين عاما، وأسماء الأشخاص والشركات المعتدية معروفة لدى متخذي القرار في الوزارة والمجلس، لكن قرر رجل الأعمال ورجل الدين على حد سواء غض البصر عن هذا الملف حتى لا ينزعج من لا يودّون إزعاجه. والنتيجة كما في كل حالات الكبت والظلم هي الانفجار. وعندما ينفجر الضحية يصبح بقدرة قادر هو المعتدي و«المشاغب» وينتهي به الأمر بالحبس والإبعاد.

ثلاثة أمثلة على انتهاكات واضحة وجلية لحقوق الإنسان، والعامل المشترك بينها هو اتفاق مجلسي الأمة والوزراء على تجاهلها لأسباب كثيرة معظمها ناتج عن مصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية، وبعضها نتاج تراث من العادات والتقاليد القائمة على أساس التعصب والتمييز ومفاهيم مقنَّعة للعبودية والرق والخوف ممن هو مختلف، وهذا ليس بغريب على مجتمع متخلف ومحافظ، لكن الغريب والمخزي تواطؤ أو تقاعس جماعات وجمعيات حقوق الإنسان التي اكتفت بأحسن الحالات ببيانات الشجب والاستنكار من دون مجهود أو ضغط يذكر.

قضايا حقوق الإنسان شائكة ومعقدة وبحاجة إلى أناس مهنيين مؤمنين بإنسانية البشر، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو السن أو الدين أو العرق، أو أي من التصنيفات التقليدية التي تحد من موضوعية الآخرين، كما أن مواجهة المعتدين والمتنفذين تتطلب شجاعة ونقاء ذمة وإخلاصا لمواجهة التهديدات والإغراءات والضغوط الاجتماعية والسياسية.

الأهم أن التصدي لقضايا حقوق الإنسان يتطلب تفرغا ورغبة صادقة بالعمل من دون مقابل أو مردود... وهنا مشكلة جماعات وجمعيات حقوق الإنسان في الكويت، التي أغلبها له صبغة سياسية ومعظمها مجرد واجهة إعلامية/اجتماعية.

back to top