سيد عدنان عبد الصمد... لا تتنازل

نشر في 09-07-2008
آخر تحديث 09-07-2008 | 00:00
 أحمد عيسى تناولت وسائل الإعلام مطلع الأسبوع معلومات عن محاولة احتواء تداعيات أزمة تأبين القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية، بطي الملف برمته، وإسقاط الدعاوى القضائية كافة من قِبل طرفيه.

وضمّت صور اليوم التالي رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي والنائبين عدنان عبدالصمد وأحمد لاري خلال التقائهم سمو أمير البلاد، وقبلها صور الشيخ علي الخليفة ورئيس تحرير جريدة «الوطن» الشيخ خليفة العلي خلال التقائهما القيادة السياسية.

محور الملف الذي تحوّل لاحقاً إلى أزمة، لمن لم يتابعه، أن فريقاً من المواطنين الشيعة أقاموا تأبيناً لمغنية في إحدى الحسينيات، فثارت حفيظة فريق آخر، ليتحوّل الموضوع، بداعي الخصومة السياسية إلى «حفلة زار»، أقامتها جريدة «الوطن»، وشارك فيها كُتّاب وشخصيات عامة، وحضرها لاحقاً بعض الوزراء، وانتهت بدعاوى قضائية، فقط لأن «الوطن» أرادت إبادة سيد عدنان عبدالصمد سياسياً.

«زار» التأبين، استغلته الحكومة كذريعة لرفع عدم التعاون مع مجلس الأمة، بحسب خطاب استقالة الوزراء، نظراً إلى ما «ساد الحياة السياسية في الآونة الأخيرة من مساس بالوحدة الوطنية»، وخلاله وجدنا أنفسنا أمام فريقين من المواطنين، شكك أعضاء الأول في وطنية من حضر التأبين، وطالبوا بإسقاط الجنسية عنهم وإبعادهم عن البلاد، بعد خلط الوطنية بشهادة الجنسية ومفاهيم الولاء، ليُزج لاحقاً بالمذهب الشيعي، فتتحول الخصومة السياسية، إلى محاولة لـ«استتابة» الكويتيين الشيعة، لإعادتهم إلى جادة الصواب الديني والسياسي، والوطني أيضاً.

أما الفريق الآخر من الشيعة، فوجد نفسه محاصرا بخصومة «الوطن- السيد»، حتى ارتفعت الموجة، وبات لازماً عليهم إثبات وطنيتهم، لأنهم ينتمون إلى مذهب المؤبنين، حتى وإن اختلفوا معهم سياسياً، فروح العداء والتخوين تعدّت السيد وجماعته لتمس الشيعة في الكويت.

الحكومة شاركت في «الزار» متأخرة، وكعادتها قدّمت مثالاً للتخبط، فوزير الداخلية، يدلي بتصريح يستنكر فيه إقامة تأبين لمغنية لأنه متهم باختطاف طائرة «الجابرية»، بينما يبيّن رئيس الحكومة أن الكويت لا تملك دليلاً مادياً على تورطه في لقائه مع جريدة «الراي»، وبينهما تغاضى موظفو وزارة الإعلام عن البند السابع من المادة 21 بقانون المطبوعات، والتي تجرّم المس بكرامات الأشخاص والحض على كراهية وازدراء فئة من فئات المجتمع، متجاهلين كلمات «الوطن» وكأنها لم تقدح شرراً يهدد بإشعال حريق طائفي، وفقراتها لم تقطع النسيج الاجتماعي الكويتي.

كما أن الحكومة التي ألقت القبض على عضو المجلس البلدي الدكتور فاضل صفر، بتهمة تقويض النظام السياسي للبلاد والانتماء لـ«حزب الله»، هي ذاتها التي نادت به وزيراً للبلدية، بعد اعتقاله بثلاثة أشهر وقبل حسم ملفه قضائياً، بينما مجلس الوزراء الذي يحضر صفر جلساته اليوم، هو ذاته الذي عبّر عن «شجبه لمظاهر التأبين والتمجيد التي قام بها بعضهم بمناسبة مقتل إرهابي تلوثت يداه بدماء الشهداء الأبرياء الطاهرة» كما جاء في بيان جلسة 18 فبراير الماضي، وفي اليوم التالي شُطِبت عضوية النائبين عدنان عبدالصمد وأحمد لاري من التكتل الشعبي، لمشاركتهما في التأبين بعد أن اعتبر زميلهما السابق محمد الخليفة ما قاما به «تصرف شاذ ويثير الاشمئزاز».

الآن بعد أن اهتزت أركان البيت الذي يضمنا جميعاً، طوال الأشهر الأربعة الأخيرة، وبعد أن أُهدرت الكرامات، وازدُري أصحابها، وبعد أن انسحبت الدولة أمام المد الطائفي، وغابت الحكومة وحُلّ مجلس الأمة، نجدهم يطالبون السيد عدنان عبدالصمد بسحب دعاواه القضائية، تمهيداً لغلق هذا الملف.

إن الذين يطالبون اليوم السيد عدنان بإدارة خده الأيسر، متغاضياً عن الصفعة التي تلقاها على خده الأيمن، تناسوا أن القضية كبرت على السيد وجماعته، ومست وطنا جُرِح بلا مبالاة، ومتغاضين عن الأسئلة المهمة، مَن سيرد للشيعة كرامتهم؟ ولماذا حدث كل هذا؟ ومَن يتحمل مسؤوليته؟

عذراً سيد عدنان، فبعد كل هذا، أنت لا تملك وحدك حق التنازل، لأن ما حدث ليس حادث سير في شارع مزدحم، بل أزمة هددت النسيج الاجتماعي بشكل مرعب، ومن دون أدنى مسؤولية وطنية من مفتعليها، فاترك للقضاء كلمته، وأعد للكويت اعتبارها، وتبرع بمبالغ التعويض، فأنت لا تحتاج إليها، قدر حاجتنا إلى رد اعتبارك.

back to top