قبل ساعات من غزوة مغاوير دولة «حماس» التي استهدفت عائلة «دُغْمش»، وهي ثاني عائلة غزّية تنتصر عليها حركة المقاومة الإسلامية و«يا محلى النصر بعون الله»، أعلن خالد مشعل من دمشق بأعلى صوته: «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليست شرعية... وبعد يناير المقبل لا يوجد أي رئيس شرعي للسلطة الوطنية»... وهكذا فقد تحقق ما بقيت إسرائيل تسعى إليه منذ ان كـرس العرب في عام 1974 هذه المنظمة ممثلاً شرعيّاً ووحيداً للشعب الفلسطيني!
سيأتي «يناير» المقبل والوضع الفلسطيني على ما هو عليه، فالانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة التي هي الحل الذي ليس غيره حلاً بالنسبة إلى هذا الوضع الفلسطيني المتردي، مرفوضة من قبل «حماس»... والسبب ان هدفها هو إنهاء كل ما قبلها وهو التخلص من منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة «فتح»، فالإسلام يجبّ ما قبله وهي تعتبر أنها هي الإسلام وأنها ظل الله على الأرض. كان هناك قرار اتخذه المجلس التشريعي الفلسطيني، قبل ان تسيطر عليه «حماس» بعد فوزها في الانتخابات الأخيرة، بأن يتم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقت واحد، لكن حركة المقاومة الإسلامية ما ان هيمنت على هذا المجلس، حتى بادرت الى إلغاء كل قراراته السابقة، ومن بينها هذا القرار الذي يتمسك به الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ويعتبره هو شرعية بقائه في موقع رئاسة السلطة حتى يناير عام 2010. إن «حماس» ماضية في استكمال سيطرتها على الحال الفلسطينية كلها، فإلغاء قرارات المجلس التشريعي التي كان قد اتخذها قبل سيطرتها عليه، هو انقلاب على الشرعية باسم الشرعية، ثم بعد ذلك جاء الانقلاب العسكري في منتصف يونيو عام 2006 ليكمل الانقلاب السابق، وها هي الأمور تصبح أكثر وضوحاً عندما يبادر خالد مشعل ويعلن مـن دمشق بأعلى صوته: «اللجنة التنفيذية ليست شرعية، وبعد يناير المقبل لن يكون هناك أي رئيس شرعي للسلطة الوطنية»!...وهذا يعني أن «حماس» ترى أنه على العرب ان يعيدوا النظر في قرارهم الذي اتخذوه في الرباط عام 1974، والذي نص على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما يعني أنه على كل الدول التي لديها سفارات فلسطينية ان تجمّد هذه السفارات، وأنه على الجامعة العربية ان تجمد الممثل الفلسطيني فيها.. وأنه يجب على الأمم المتحدة ان تتخذ هذا الموقف نفسه، وبالتالي فإنه لابد من تجميد عملية السلام وإيقاف المفاوضات الجارية الآن، الى ان يحسم الفلسطينيون أمورهم ويتفقوا على رأي واحد... وهذا كما هو واضح غير ممكن. لا يمكن اعتبار ان هذا الذي أعلنه خالد مشعل من دمشق وبأعلى صوته، وهو يتأرجح طرباً مرة نحو اليمين ومرة أخرى نحو الشمال، مجرد شطحة جهادية أو «فشة خلق»، فالأمور كانت واضحة منذ البدايات، والهدف منذ إنشاء حركة المقاومة الإسلامية في نهايات عقد ثمانينيات القرن الماضي هو تدمير منظمة التحرير وتدمير «فتح»، وحقيقة إن هذا هو الذي تريده إسرائيل، حتى إن كانت نوايا «حماس» حسنة وصادقة! * كاتب وسياسي أردني
أخر كلام
هذا ما تريده إسرائيل!
19-09-2008