Ad

غريب هذا الذي يجري في لبنان فـ«حزب الله»، باسم المقاومة التي انتقلت بعد «الانتصار الإلهي» من الجنوب اللبناني ومن خطوط التماس والمواجهة مع إسرائيل إلى ساحة رياض الصلح في بيروت، جعل الحدود الإيرانية، نفوذاً ووجوداً عسكرياً، تصل إلى منطقة الأوزاعي على شواطىء البحر الأبيض المتوسط.

كان كل من يتحدث عن التدخل الإيراني في شؤون هذه المنطقة، العراق ولبنان وفلسطين واليمن ومعظم دول الخليج «العربية»، يتهم بالعمالة للولايات المتحدة وإسرائيل والمفترض الآن، بعد أن شهد شاهد من أهلها وبعد أن قال رئيس إيران السابق محمد خاتمي إن بلاده في عهد محمود أحمدي نجاد تواصل إرسال الأسلحة إلى «حزب الله» في لبنان وإلى «حماس» في غزة، أن تتوقف هذه الاتهامات، فالسيد خاتمي هو أحد أكبر رموز الثورة الإيرانية وهو يحظى بمكانة رفيعة لدى أغلبية الإيرانيين إن لم يكن كلهم.

وربما أنها مصادفة أن يقول خاتمي هذا الكلام الخطير الذي قاله بينما وصل التدخل الإيراني السافر في الشأن اللبناني إلى ذروته، وبينما بات في حكم الثابت والمؤكد أن «حزب الله» مصرٌّ على أن يكون دولة مسلحة داخل الدولة اللبنانية، فإنشاء شبكة اتصالات خاصة به في معظم مناطق لبنان يدل على هذه الحقيقة ويؤكدها أكثر مما هي مؤكدة.

الآن ومع اقتراب الموعد الذي حدده نبيه بري لانتخاب رئيس لبناني جديد، وهو الموعد التاسع عشر، تفجرت الأزمة اللبنانية على نحو يشير إلى أن الصدام العسكري قادم لا محالة، والمعلومات على هذا الصعيد تشير إلى أن الإيرانيين من خلال سفيرهم في لبنان باتوا يعملون هناك من دون «تقيِّة» وأنهم غدوا يديرون دفة الصراع في هذا البلد المنكوب مباشرة وبلا مواربة.

يرد «حزب الله» على الذين يعترضون على شبكة الاتصالات التي أنشأها في لبنان ويواصل إنشاءها من وراء ظهر الدولة اللبنانية، بل رغم أنفها باتهامهم بأنهم يتآمرون على «المقاومة» لحساب الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا هو ما تقوله حركة «حماس» للذين يعارضونها ويعارضون أساليبها وسياساتها وتجاوزاتها، وما يقوله مقتدى الصدر المقيم في طهران والذي أقحم العراق في الحرب الأخيرة التي يخوض غمارها جيش المهدي بالأسلحة الإيرانية وبإشراف ضباط فيلق القدس وحراس الثورة.

غريب هذا الذي يجري في لبنان فـ«حزب الله»، باسم المقاومة التي انتقلت بعد «الانتصار الإلهي» من الجنوب اللبناني ومن خطوط التماس والمواجهة مع إسرائيل إلى ساحة رياض الصلح في بيروت، جعل الحدود الإيرانية، نفوذاً ووجوداً عسكرياً، تصل إلى منطقة الأوزاعي على شواطىء البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما فعلته «حماس» في غزة، وهذا يعني أن ما قاله محمد خاتمي في تصريحاته الأخيرة ليس مجرد مناكفات بين التيارات المتعارضة والمتصارعة في إيران، بل حقائق يجب أن يأخذها العرب بمنتهى الجدية قبل فوات الأوان.

ما هي حاجة «حزب الله» إلى شبكة الاتصالات التي أوصلها خبراء فيلق القدس الإيرانيون إلى معظم المناطق اللبنانية... ولماذا لجأت المخابرات الإيرانية باسم هذا الحزب إلى السيطرة بـ«كاميرات» التصوير على المدرج المخصص لهبوط الطائرات التي تحمل كبار الزوار والمسؤولين في مطار رفيق الحريري الدولي الذي قد يصبح اسمه مطار الخميني قريباً إذا أدى حسن نصرالله رسالته التي كلفه بها الولي الفقيه في طهران؟!

لقد أصبحت المعركة مكشوفة وواضحة وبات النفوذ الإيراني في لبنان وفي غزة وفي العراق وفي اليمن مسلحاً وله جيوش تقاتل، ولعل ما لا يحتاج إلى براهين وأدلة خصوصا بعد أن قال السيد خاتمي هذا الذي قاله هو أن جبهة القتال هي جبهة واحدة من صعدة في اليمن إلى مدينة الصدر في العراق إلى ضاحية بيروت الجنوبية... فإلى متى يبق العرب حائرين ومترددين؟! ...إن هناك مثلاً معروفاً يقول: «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض».

* كاتب وسياسي أردني