النائبة كارثة... أم ممثلة للشعب؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وهكذا نرى أن التمييز قد دخل في مفاصل اللغة، وجعل منها أداة من أدوات التمييز، بل إن البعض قد ابتدع بدعة، وهي أنه لا يجوز لغوياً وصف المرأة بالوزيرة، بل الوزير فلانة وكذلك بالنسبة للوكيل فلانة أو المدير فلانة. وقد استشرت خبيرنا اللغوي الأخ طالب المولى فأفاد بأنه لا أساس لغوياً لذلك التقييد، بل هو من عنديات الثقافة الذكورية المهيمنة.والأمر بالطبع لا يقتصر علينا أو على اللغة العربية، فالتمييز ضد المرأة مسألة متأصلة في المجتمعات. وقد انتبهت الامم المتحدة لذلك الأمر فألغت كلمة «تشيرمان» أي رئيس الجلسة لتصبح «تشير بيرسون» لتزيل عنصر التفضيل الجنسي في رئاسة الجلسات أو اللجان وغيرها من الأمثلة الكثير.ولكن هل تتغير معاني الكلمات؟ أي هل بالإمكان عملياً وواقعياً تغيير معاني الكلمات لتصبح شيئاً آخر؟فلنأخذ مثلاً كلمة القهوة التي نعرفها بأنّ مكوناتها هي البن هذه الايام ومنذ زمن، فقد كان معناها الاصلي هو الخمر، وتم تسميتها بذلك لأنها تقهى شاربها عن الطعام اي تذهب بشهوته. وفي ذلك يقول الشاعر الجاهلي المرقش الأصغر:وما قهوة صهباء كالمسك ريحهاتعلى على الناجود طوراً وتقدحكلمات كثيرة تغيرت معانيها، فالشاطر كانت تعني الفاسق الذي أعيا أهله خبثاً وتعني كذلك قاطع طريق، أما الآن فالشاطر هو المتفوق وربما الذكي، أما كلمة صابر فكانت تعني الحمار، وأصبحت تعني التحمل. وغير ذلك من الكلمات كثير كأمثلة ونماذج تعني أن الكثير من الكلمات لمعانيها دلالات اجتماعية، وهي عرضة للتغير وربما استحداث معان جديدة.أما وقد دخلت البرلمان أربع نائبات دفعة واحدة، فقد آن الأوان أن تصبح كلمة نائبة تعني ممثلة شعب، وبالتالي يجوز بل يجب أن تصبح المرأة مديرة، ووزيرة، ووكيلة، فاللغة مؤشر للثقافة الاجتماعية، وهي الوعاء الذي يتحكم في الوعي بالأشياء.وهكذا نقول مرحبا بنائباتنا الاربع كممثلات للشعب باقتدار واستحقاق، أما من يرى غير ذلك فهي مشكلته الخاصة وعليه أن يتعامل مع تلك الحقيقة.