لقد لجأتم يا أغلب الناخبين إلى الفئوية والمحاصصة، ولذلك لا تطالبوا بتشكيل حكومة وطنية تعدل بينكم وتعمل على الإصلاح والتنمية لأنكم «وبصراحة» لستم أهلاً لها، فكيفما تكونوا يولَّ عليكم. فمن الآن أقول لكم إن الحكومة القادمة ستكون ترقيعية وقرقيعانية كما في السابق.قبل أسبوع فقط قلنا في هذه الزاوية: إن لم يتخلَّ الناخبون عن عصبياتهم العرقية والطبقية والطائفية، فيجب عليهم ألا يتوقعوا أي إصلاح في الحياة السياسية، وها هي نتائج الانتخابات تؤكد ذلك الاستنتاج.
فكيف لشعب يطالب باختيار الأصلح في المناصب التنفيذية، وهو مستعد أن ينتخب الدكتور وصاحب الثانوية العامة في نفس القائمة مادام العرق هو الذي يجمعهم؟! وكيف لصاحب الثانوية العامة نفسه أن يحصد أكثر من عشرة آلاف صوت، بينما يحصد مرشحون أكفاء وأصحاب شهادات دكتوراه ورأي وفكر أقل من ألف صوت في نفس الدائرة؟! وكيف لشعب يطالب بالعدل والمساواة وشعاره الأول في الانتخاب هو القبيلة والطائفة والعائلة؟!
لقد لجأتم يا أغلب الناخبين إلى الفئوية والمحاصصة، ولذلك لا تطالبوا بتشكيل حكومة وطنية تعدل بينكم وتعمل على الإصلاح والتنمية لأنكم «وبصراحة» لستم أهلاً لها، فكيفما تكونوا يولَّ عليكم. فمن الآن أقول لكم إن الحكومة القادمة ستكون ترقيعية وقرقيعانية كما في السابق، وسيستمر مسلسل الاستجوابات بمناسبة ومن دون مناسبة، وسيستمر بعض النواب في التسكع في ردهات الوزارات لإنجاز بعض المعاملات الشخصية «وأغلبها تتجاوز حقوق غيرهم» بينما يبيعون مستقبل الأمة في المجلس. وسيستمر استعراض بعضهم في المجلس والتغني بالوطنية التي هم أبعد ما يكونون عنها. وبذلك سيستمر مسلسل التأزيم لأن أغلب من تم اختيارهم غير مؤهلين لأن يكونوا على قدر المسؤولية، بل ربما يدارون بالريموت كنترول من الخارج تنفيذاً لأجندة خصوم رئيس الوزراء.
لا أريد أن ألقي بكل اللائمة على جموع الناخبين لأن ذهنياتهم السياسية وأسس اختيارهم للمرشحين هي نتاج نفخ الحكومات المتعاقبة طيلة العقود الأربعة الماضية في غول القبلية والطائفية والطبقية، وهذا أمر بحاجة إلى معالجة تدريجية لا تأتي في يوم وليلة، ولكن ذلك لا يعفي الناس في نفس الوقت من جزء كبير من هذه المسؤولية.
***
• ألف تحية إلى مرشحي حزب الأمة الذين واجهوا تسونامي القبلية وطرحوا أنفسهم كمرشحين لكل الناخبين في دوائرهم، لكن يبدو أن زمانهم لم يرتق إلى خطابهم الوطني.
• الفارق الكبير في عدد الأصوات بين نتائج مندوبي المرشحين والتلفزيون من جهة والنتائج الرسمية من جهة أخرى في كل الدوائر يثير أكثر من علامة استفهام، خصوصا في الدائرة الأولى حيث وصل الفارق في بعض الأحيان إلى 30% وتم فيها تأخير حسن جوهر من الثاني إلى الرابع، وسيد عدنان عبدالصمد من الثالث أو الرابع إلى السابع، وأحمد لاري من الرابع أو الخامس إلى الثامن! فهل هناك أمر دبر بليل أم أنه عبث بريء؟
* مع حزني على عدم وصول الكثير من المرشحين الأكفاء إلى المجلس وعلى رأسهم الأستاذ أحمد الديين، إلا أنني فرحت لفوز صالح الملا لأول مرة.