عندما ظهرت نتائج انتخابات مجلس 2008، وما صاحبها من نجاحات للتيار الديني، هاج وماج كثيرون ممن يريدون ديمقراطية على مزاجهم، حينها كتبت في هذه الزاوية، أن على الجميع احترام خيارات الأمة، وأن الإسلاميين لم يصلوا إلى المجلس على ظهر دبابات، بل عبر صناديق الاقتراع، وعلينا القبول بنتائج الديمقراطية.

Ad

اليوم أيضا، وبعد أن تبين الخيط الأبيض من الأسود، فإن على التيار الديني أن يراجع نفسه ويبحث في الأسباب الحقيقية لإخفاقاته وفقدان شعبيته في الشارع، دون تبسيط الأمور وتهميشها، عبر تعليق الفشل على الحملات الإعلامية التي استهدفت مرشحيه، فتلك الحملات تعرض لها مرشحون آخرون لكنهم حققوا الصدارة في دوائرهم.

أختلف كثيرا مع الإخوة في «حدس» لكنني لست سعيدا بالخسارة التي تعرضت لها الحركة في هذه الانتخابات، فأنا مازلت مصرا على أن ضعفها وغيابها عن المشهد السياسي، هو ضعف للقوى والتيارات الأخرى، خصوصا في هذه المرحلة المفصلية التي قد شهدت الكثير من التطورات والتداعيات المتعلقة بمستقبل الديمقراطية في البلاد.

عندما قلت سابقا إن «حدس» ارتكبت خطأ استراتيجيا بتحولها المفاجئ من معسكر الموالاة إلى فريق المعارضة، دون التمهيد جيدا لمرحلة التحول تلك، اتهمني البعض بأنني أريد حصر مفهوم «المعارضة» لكتلة بعينها دون غيرها، ويوم أن قلت إن على الحركة عدم الاستكانة إلى حجم التأييد للمظاهرات والاعتصامات التي نظمتها خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وأن تعاطف الشارع الكويتي مع القضية الفلسطينية، لا يعكس شعبية أي تيار وحجم التأييد السياسي له في الداخل، قال كثيرون إن أعداء «حدس» يحاولون تشويه نجاحاتها، واليوم أتمنى أن تكون قيادات وكوادر الحركة قد أدركت حجم الخطأ الذي وقعت فيه.

واضح أن هناك خلافات كبيرة في البيت «الحدسي» انعكست على نتائج مرشحيها في الدوائر الخمس، وربما نشهد في المرحلة المقبلة إجراء غربلة كاملة في القيادات والمناصب، لكن ذلك كله لن يأتي بنتيجة، مادامت قيادات الحركة ونوابها وكتابها وقواعدها، ينظرون إلى من يختلف معهم في الرأي من منظور الكاره أو الحاقد على «حدس»، وهذه إشكالية مزمنة، تعانيها الحركة الدستورية، أضرت بها وأثرت على دعم وتعاطف الآخرين معها.

عموما المجالس السابقة أثبتت أنه متى ما زاد عدد نواب «حدس» في أي مجلس، يكون وبالا عليها ويؤثر في حظوظها عند أي انتخابات تتلو ذلك، من هنا فإنني أتمنى على الحركة وهي الممثلة بنائب واحد في هذا المجلس، أن تستفيد من الأخطاء وتعيد ترتيب الأوراق، وألا تنظر إلى الكتل أو القوى السياسية الأخرى نظرة الشك والريبة، بل وفق منظور الشراكة في العملية السياسية، على اعتبار أن كل تيار مكمل للآخر، وليس عدوا له.

* * *

بعض أنصاف الكتّاب ممن يصنفون أنفسهم بالليبراليين، أشادوا برغبة التغيير التي ميزت مزاج الناخب الكويتي، وطالبوا باحترام تلك الرغبة والقناعة عند تعليقهم على نتائج الانتخابات، خصوصا ما يتعلق بإعادة انتخاب حسين القلاف الذي طالب بتعليق الدستور، لكنهم مارسوا ازدواجية مضحكة تدل على سطحية تفكيرهم وأمنياتهم بديمقراطية على مزاجهم، عندما انتقدوا نجاح النائب محمد هايف. يا سادة قد نختلف ونتفق مع ما يطرحه محمد هايف، لكن ما لانسمح لأنفسنا بالاختلاف حوله، هو ضرورة احترام وتقدير رغبة أكثر من 16 ألف ناخب كويتي منحوه ثقتهم.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء