خذ وخل: وباللحى تدوم النعم!

نشر في 08-03-2009
آخر تحديث 08-03-2009 | 00:00
 سليمان الفهد * خبر ورد في الصحف الجمعة الأخيرة يقول بأن اللجنة التشريعية والقانونية في «البر..لمان» الكويتي ستناقش في اجتماعها الأربعاء القادم، مشروعا يسمح للعسكريين بإطلاق لحاهم، وعدم إلزامهم بحلقها أو مسها بأي تهذيب وتشذيب، كما تحتم التقاليد العسكرية وقوانينها السائدة! والذي يقرأ الخبر يحسب أن اللجنة لا تجابه تحديات وطنية تستوجب الاستجابة لها بمشاريع قوانين عاجلة، لكونها لا تحتمل ترف التأجيل والمساومات والجدل «البيزنطي» الخاوي من المعنى والدلالة!

إن النواب الخمسة الساعين إلى إقرار المشروع المذكور يكابدون عمى ألوان في رؤية الأولويات الوطنية! ولو لم يكن الأمر كذلك لما قدموا مسألة إعفاء اللحى من موس الحلاقة على ما عداها من القضايا الحيوية المؤجلة التي تستأهل الحسم السريع الآن واليوم، وليس غدا. فما الذي جرى وحرّض النواب على الدفع بمسألة إطلاق اللحى، باعتبارها قضية جوهرية وطنية أولى؟!

* ولعله من نافل القول: التنويه بأن المجتمع أَلِف رؤية الطلعة البهية للعسكريين وهي محلوقة بدون لحية ولا حلية «مخنجرة»، منذ أن كان الجيش والشرطة مجرد دائرتين لكل منهما رئيس ومدير عام، قبل نشوء الوزارات في مطلع عقد الستينات.

وكان الأحرى بهؤلاء النواب الغيورين على تربية العسكريين لذقونهم الاحتفاء بتربيتهم عسكرياً وميدانياً، وتدريبهم على التقنيات العسكرية الحديثة المكرسة للدفاع عن الوطن، وحماية أمنه الداخلي. ذلك أن إعفاء اللحى أو حلقها هو: خيار شخصي يتخذه المرء وفق قناعته الشخصية ولا يجوز أن يتم بـ«فرمان» قد يكون ملزما للجميع مستقبلا، كما يبدو ويأمل أصحاب مشروع القانون! ومن يعلم فقد يتمادى هؤلاء، إذا فشل إقرار المشروع، باستجواب وزيري الداخلية والدفاع سواء من جراء غياب اللحى عن سمت الضباط والجنود! ذلك أن كل مشروع بات ينطوي على أزمة استجواب ما أنزل الله به من سلطان، اللهم سوى سلطان إرضاء معشر الناخبين ودغدغة أصواتهم الانتخابية فقط لا غير.

* والمعروف أن العسكريين في بلاد العالم يتسمون بسمت خال من اللحى أيا كان نوعها، لكن يبدو أن بعضنا يعتقد أن العادة يمكن أن تكون عبادة، وربما أهم منها! ومثل العديد من القضايا الحياتية ستجد أن موضوع إعفاء اللحى محل خلاف واختلاف يقسم المجتمع إلى فريقين مختلفين يتجادلان في مسألة شخصية هامشية في الوقت الذي قد يغرق فيه الوطن في بحر الأزمات التي يكابدها دون حلول لها.

والحق أنه «لو استطاعت القوانين أن تتكلم، لضجت بالشكوى من المحامين» كما يقول الشاعر «بودلير»... لا سيما إذا كان المحامون موقنين بأن «لكل امرئ من دهره ما تعود!»، بحسب عمنا «المتنبئ». ولذا لا حاجة الآن البتة إلى إشغال المجتمع بالذقون والشوارب والحواجب وغيرها من «القضايا» الحيوية الجوهرية، في هذه الأيام التي تستوجب الاحتفاء بتربية العقول لا اللحى!

back to top