نرجوك ياوطني أن تنير بالحب قلوبهم، كما أنرتها لنا، وأعنهم على إعمال قلوبهم للكويت، قبل مصالحهم، ومكِّنا من مبادلة هذا الوطن حبا نقيا، تماما كحبه لنا، مادمنا قادرين على ذلك، فنحن لا نملك وطناً سواه، فبلادي لاتزال جميلة بناسها.

Ad

يطوي عام 2008 بعد ساعات أشرعته راحلا بصمت، فيما يدق 2009 أبوابنا بصخب، انتظارا لأن نفتح له مع انتصاف ليل اليوم، معلنا انقضاء عام ودخول آخر، حمل الأول معه أمانينا القديمة، واستودعها الثاني ليستكمل تحقيقها بين ثناياه.

مع اقتراب النهاية يكون الحساب، ومهما كانت «جردة» العام الذي يقضي نحبه بهدوء، فإنه سيستودع تركته لدى خلفه، ليحمل بدءاً من غد عبء أمانينا الثقيلة، وتلك التي نرجو تحققها خلاله، والمتراوحة بين دفتي رغباتنا، وهو تجسيد حقيقي لمسيرة حياة لا تقف عجلاتها أبدا.

خلال العام المنسل بخفة، غيّب الموت، رديف الحياة، رجالا ونساء، فقدناهم بحزن، أحمد الربعي، الشيخ سعد العبد الله، جاسم البحر، علي المفيدي، وآخرين يعرفهم أحباؤهم وأقاربهم جيدا، في نفس العام الذي احتفت بين ثناياه أسر عديدة بقادميها الجدد، من أقصاه لأقصاه، وقيدت على شهادات ميلادهم تواريخ أيامه بفرح، عكس ما كتبت بدموع ذات الأيام على شهادات وفاة آخرين.

في الكويت، أزمات متعاقبة، دوامات متواترة، أحداث متلاحقة، تنسينا أن هذا الوطن لايزال صالحا للعيش، رغم تحوله إلى ساحة حرب، لا تخلو أيامه من القصف السياسي المتبادل، والكلمات الحادة الطائشة من هنا إلى هناك، والاغتيالات المتكررة للحريات، والتصفيات الممجوجة للفرحة بألم، فذابت روح هذا الكيان الرائع، وضاق أفقه المتسع للجميع، فتحولت «واحتنا» من مقصد للباحثين عن الحرية، إلى نقطة مهملة وسط صحراء ممتدة، فتفشت السلبية، وراح الجميع يبحث عن مكان آمن ربما يلتجأ إليه قريبا، فرُفع «إياك واليأس من وطنك» كشعار مرحلي جديد، بعد أن كنا نتغنى يوما ما مضى بأن «الكويت مازالت جميلة .. تفاءلوا».

عام يعبرنا على مهل، وآخر يقتفي آثاره، لا نملك فيه إلا تكرار الدعاء نفسه، ربي اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا، حتى لو حاولوا تقييد إرادتنا، وخرس ألسنتنا، وتكميم أفواهنا، فنحن نرجوك أن تنير بالحب قلوبهم، كما أنرتها لنا، وأعنهم على إعمال قلوبهم للكويت، قبل مصالحهم، ومكِّنا من مبادلة هذا الوطن حبا نقيا، تماما كحبه لنا، مادمنا قادرين على ذلك، فنحن لا نملك وطنا سواه، فبلادي لاتزال جميلة بناسها، وحتما ستنير طيبة قلوب محبيها عامنا المقبل بنور، ليكون جديرا بالعيش فيه بينهم، وكل عام وأنتم بخير.