في حقبة الثمانينيات وكنتاج مباشر لاشتعال الحرب العراقية- الإيرانية كانت البلاد تئن من وطأة احتقان طائفي حاد، كانت البلاد حينها على فوهة مدفع انفجار داخلي. وما ان حدث الغزو عام 1990 حتى تغيرت الصورة: تحولت البلاد الى ورشة عمل وطني ضد الاحتلال، وسطر الجميع بكل انتماءاتهم اروع قصص الالتزام بالوحدة الوطنية.

Ad

كنت اظن ان ذلك الدرس كان كافيا، لكي نتعلم ان المساس بالوحدة الوطنية هو الفعل الاخطر، ويبدو انني كنت واهما، فلا درس تعلمناه ولا هم يحزنون.

ولعل التنبيه الى خطورة الدفع والشحن الطائفي يتجاوز بمراحل ما بدا انه خطأ ارتكبته اجهزة الدولة، كما انه يتجاوز أحقية النائب او النواب في هذه الحالة بتقديم استجوابهم، كما يتجاوز إن كان ذلك الاستجواب دستوريا أم لا. هناك اخطاء فادحة، وتسيب، وفساد، في ملف الإقامة والابعاد وغيره، وهي اخطاء كانت بحاجة الى ان يسلط الضوء عليها املا في الإصلاح، ولربما كانت تستحق استجوابا او اسئلة.

وها نحن نعود الى مزيد من التفتيت، وشق المجتمع، من خلال تحويل الخطأ الى خطيئة، وها هي المسيرة قد بدأت، فلكي يثبت النواب المستجوبون حجتهم بأن الساعة الثانية عشرة هي الموعد النهائي، عليهم ان يثبتوا ان الساعة الثانية عشرة هي ساعة الصفر ولا شيء غيرها، ولكي يتم اثبات ذلك فإنهم سيقومون بنشر كل ما من شأنه ترويع الاطفال وتخويف الكبار، وبالتالي تتحول البلاد الى حفلة زار، ولا استثني الطرفين.

اليس غريبا ان تنتكس البلاد، ويتم دفعها دفعا الى احتقان طائفي غير مبرر، على اختلاف في التوقيت، وليس على مبدأ.

ربما يصر النواب الثلاثة على المضي قدما في استجوابهم، وربما ينتج عن اصرارهم ان يتم حل مجلس الامة، سواء كان حلا دستوريا ام غير ذلك.

وسواء اصر النواب ام لم يصروا وتراجعوا، فمن المؤكد أن استجوابهم المذكور سيكون أغرب استجواب في تاريخ الاستجوابات الكويتية فهو اول استجواب يتم بسبب الاختلاف في التوقيت بين ساعة المستجوبين وبين ساعة وزير الداخلية، حيث يصر المستجوبون على انه ما لم يبعد الفالي عن الكويت بحلول الساعة الثانية عشرة، فإنهم ماضون في استجوابهم، بينما تريد وزارة الداخلية، ربما، ترحيله الساعة الثانية عشرة يوم الخميس. ومن غير المعروف لدينا هل ذلك التوقيت حسب توقيت غرينتش او ألاسكا أو جزر المالديف.

وبالتالي فإن الاستجواب لن يعالج ملف الاقامة والابعاد، وهو ملف يستحق فعلا الانتباه، والتركيز، والسؤال وربما الاستجواب، ولكن سيتم سحبه حالما تتطابق ساعة المستجوبين مع ساعة وزير الداخلية من دون ادنى مسؤولية عن جر المجتمع الى ما قد لا يحمد عقباه.