تعتبر حالات الصم والبكم من الحالات الشائعة في دول العالم، وهناك اهتمام خاص بها في جميع الدول، ولأن الشخص الأصم يحتاج إلى عناية خاصة، فقد عمدت الدول المتطورة إلى دمج هذه الفئة في المجتمع وهيَّأت لها كل السبل التي تذيب إحساسها بأنها تعاني أية إعاقات.
تؤكد الأبحاث والدراسات التي أجريت على العديد من الأشخاص، أنهم قد يعانون إعاقة سمعية أو كلامية (الصم والبكم) ومع ذلك لا يقلون ذكاء وفطنة عن غيرهم ممن نطلق عليهم «أسوياء»، بل إن كثيرا منهم يتمتعون بذكاء أعلى من أولئك، والأعمال التي قاموا بها «تتكلم» عن إنجازاتهم في خدمة بلدهم، فهذه الفئة تتميز بسرعة بديهة كبيرة. وتسعى جميع الدول إلى تطوير وسائل التربية والتعليم وتثقيف الآباء بكيفية التعامل مع هذه الفئة وإدخال التكنولوجيا في مساعدة الصم والبكم. ورغم أن الكويت قد قطعت شوطا لا بأس به في تأهيل هذه الفئة فإن هذه الفئة تستحق أكثر بكثير مما تم تقديمه لها، لذا يجب الاهتمام بهم بشكل أكبر وذلك بإعطائهم حقوقهم سواء دمجهم في المجتمع أو تأهيلهم أو تدريبهم أو توظيفهم وعدم معاملة المجتمع لهم على أنهم معاقون، ويجب التعامل معهم كالأسوياء تماما، إذ إن بعضهم أعطى للدولة اكثر مما أعطى لها الآخرون، كذلك يجب تطوير المدارس التي تعمل على تأهيل هذه الفئات وتزويد المعلمين بوسائل متطورة للتعامل معهم، كما يجب أن تتلاءم المناهج التي تقدم لهم مع التطورات التي نمر بها، وكذلك تهيئة وتأهيل مدارس ومباني هذه الفئة بالعديد من التجهيزات مثل مختبرات خاصة لأنشطة السمع وغيرها.واجبات الدولةيمكن القول إن واجب الدولة نحو أبنائها من هذه الفئة أن تعمل على دمجهم وانخراطهم في المجتمع، وذلك بإطلاق طاقاتهم الكامنة، وعدم التعامل معهم على أنهم «معاقون» أو أقل إمكانات من غيرهم، فهم يملكون قدرات عقلية وإنسانية كبيرة جدا. كما يجب ضمان حقوقهم المدنية الكاملة بلا أي تمييز سواء في منحهم فرص العمل أو الترقي الوظيفي والعلمي والأكاديمي وفي كل المجالات التي يخوضونها. كذلك يجب أن تعمل الدولة على توسيع النشاطات التي يقومون بها وتنويعها لصهرهم في المجتمع لأنهم جزء منه، وبهم وبغيرهم يتطور المجتمع. ويجب على المجتمع تقبل المعاق الذي أثبت في كثير من المجالات أنه لا يقل أهمية عن الشخص الصحيح، وتقع على الدولة والأسرة والمجتمع بأسره مسؤولية دمج هذه الفئة في المجتمع، وهناك من الأفراد والأسر مَن يبذل الكثير من المجهود والتكلف في تعامله مع الأصم، إذ يتم التعامل على أساس الإعاقة وليس على أساس ما يملكه هذا الأصم من قدرات، وذلك بسبب الخلط بين مفهوم الإعاقة الجسدية والإعاقة الذهنية، فالصم والبكم إعاقة جسدية تتمثل في فقدان جزء أو كل من حاستي السمع والنطق، أما الإعاقة الذهنية فهي العوارض التي تعتري العقل فتقلل من مستوى الذكاء والفهم.معهد الأبحاث نموذج ومن بين المؤسسات الوطنية التي خدمت هذه الفئة برز اسم معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي يعد نموذجا يحتذى بين المؤسسات الوطنية التي اهتمت بهذه الفئة، وذلك منذ أكثر من عقدين من الزمان، إذ أنجز مشروع قواميس الإشـارة الوصفية للدول العربية، وقاموس الإشـارة الوصفية الكويتيـة، والعديد من القواميس الوصفية التي تساعد فئة الصم والبكم على التواصل في ما بينها، ليس على الصعيد المحلي فحسب ولكن على الصعيد العربي كذلك، إذ دأب المعهد على تقديم الدعم الفني اللازم للمعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بهدف تطوير وزيادة كفاءة تواصل هذه الفئة مع المجتمع. فمنذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، قام المعهد بوضع برنامج بحثي يعنى بتقديم الدعم الفني لمدارس التربية الخاصة، وذلك على صورة مشاريع بحثية تطبيقية. وقد أدرج المعهد هذا البرنامج البحثي ضمن برامجه وخططه الاستراتيجية على مدى الأعوام العشرين الماضية، إذ تمخض هذا البرنامج عن العديد من المشاريع البحثية التي تهتم بشؤون الصم والبكم وغيرهم من المكفوفين والتوحديين، ومن جملة المشاريع التي أنجزها المعهد تلك التي تهتم بشؤون الصم والمتمثلة في قواميس الإشارة الوصفية المستخدمة من قبل الصم في تواصلهم اليومي مع نظرائهم من الصم أو أولئك المعنيين بشؤونهم، ويعد أسلوب التواصل باستخدام الإشارات الوصفية هو الأسلوب الدارج والشائع بين أفراد هذه الفئة من المجتمع. فاستخدام الإشارات الوصفية في التواصل والتخاطب في ما بين الأفراد الصم هو الأسلوب والنهج الطبيعي الذي يسلكه أفراد هذه الفئة من المجتمع.ولغة الإشارة الوصفية، هي مجموعة من الإشارات الوصفية التي تعتمد على حركة اليدين وتعابير الوجه في الرمز إلى الأشياء الحسية والمعنوية. ولأن مدرسي هذه الفئة ليسوا بالضرورة من فئة الصم فيجب عليهم أن يكونوا مؤهلين بشكل كبير للتعامل مع هذه الفئة، وهذا يقع على عاتق وزارة التربية التي يجب عليها إعداد جيل من المدرسين والمتخصصين المهيئين للتعامل مع هذه الفئة ممن يملكون الوسائل والامكانات الخاصة للتعامل معهم، والاهتمام بالبنية التحتية كالمدارس والمعاهد الخاصة بتطوير مهاراتهم.وكذلك أولياء الأمور الذين يحتاجون إلى تعلم هذه الطريقة من التواصل وذلك لمخاطبة أبنائهم من الطلبة الصم. ومن هذا المنطلق فقد أخذ معهد الكويت للأبحاث العلمية على عاتقه مسؤولية تطوير مثل هذا القاموس الذي من شأنه تيسير الأمور على كل مَن لديه الرغبة في تعلم لغة الإشارة الوصفية.
قضايا
الصم والبكم... أعمالهم تتكلم! الكويت قطعت شوطاً لا بأس به في تأهيل هذه الفئة... ولكن!
01-08-2008