كل زائرة للكويت مشتبه فيها حتى تثبت براءتها... لو كانت هذه عقلية أفراد لتفهمت أنها عقلية جنسية مريضة تتطلب العلاج النفسي، ولكن أن تكون عقلية دولة وقوانينها، فهناك خلل نظامي ومجتمعي فاضح، ومؤسف أن تلعب الدولة دوراً في تفريق الروابط الإنسانية والاجتماعية بين الناس لأنها عاجزة عن ابتكار طريقة لتعميم الخير وتخصيص الشر بدلاً من العكس كما هو حاصل.

Ad

قبل أسابيع عدة، وجهت إحدى زميلات العمل دعوة لصديقتها التي تنتمى إلى إحدى الدول العربية لزيارة الكويت لقضاء عطلة عيد الأضحى معها، حيث تزاملتا في الجامعة أثناء الدراسة في الخارج وأرادتا لم الشمل لأول مرة بعد التخرج. تساءلت الزميلة عما إذا كانت ضيفتها تحتاج إلى استخراج تأشيرة لدخول الكويت، وما هي الإجراءات اللازمة لذلك، فتطوعت للتحري عن ذلك، وبعد السؤال هنا وهناك برزت أول عقبة، وهي أن الدولة التي تنتمي إليها الضيفة ليست ضمن مجموعة الدول «المرضي عنها» لدى وزارة الداخلية، وهي دول خليجية وعربية وغربية لا يحتاج مواطنوها إلى استخراج تأشيرة لزيارة الكويت. إذن، يتوجب على الضيفة استخراج التأشيرة، وإلى الآن يبدو الأمر طبيعياً ووارداً في الدول كلها.

استفسرت عن آلية استخراج التأشيرة، فقيل لي إن ما تحتاجه هو «كارت زيارة» عائلية أو عمل، فسألت ماذا لو لم تكن لها صلة قرابة عائلية في الكويت، وزيارتها ليست متعلقة بعمل، بل هي مجرد سائحة لها أصدقاء في الكويت تود زيارتهم؟ فقيل لي إذن تحتاج إلى تأشيرة سياحية، واستخراجها لفتاة بهذا العمر شبه مستحيل في ظل تشدد وزارة الداخلية في مكافحة جرائم الدعارة. «دعارة!»... هكذا رددت بعيون «مبحلقة»!

إذن بسبب هذا التعميم الفج، فإن كل زائرة للكويت مشتبه فيها حتى تثبت براءتها. لو كانت هذه عقلية أفراد لتفهمت أنها عقلية جنسية مريضة تتطلب العلاج النفسي، ولكن أن تكون عقلية دولة وقوانينها، فهناك خلل نظامي ومجتمعي فاضح. على أي حال، احترت فيما أخبر زميلتي، هل أخبرها عن السبب الحقيقي لاستحالة استخراج التأشيرة؟ ولو أخبرتها فهي حتماً ستحرج من إخبار ضيفتها.

لن أدخل في حديث أن الكويت يراد لها أن تكون مركزا ماليا وتجاريا جاذبا للسياحة والاستثمار الأجنبي بينما هي مغلقة أمام زوارها، ولكن ألم يطرأ على بال مَن وضع تلك المحاذير أن هناك مَن يرغب في القدوم إلى الكويت سائحاً؟ وأن العلاقات الإنسانية لا تنحصر فقط في الأسرة والعمل؟ ألا يعي بأن الصداقة والزمالة أيضاً تندرج ضمن العلاقات الإنسانية المحببة؟ مؤسف أن تلعب الدولة دوراً في تفريق الروابط الإنسانية والاجتماعية بين الناس لأنها عاجزة عن ابتكار طريقة لتعميم الخير وتخصيص الشر بدلاً من العكس كما هو حاصل. للأسف انتهى الأمر بزميلتي وضيفتها بأن قررتا الالتقاء في دبي، وهذا هو الفرق بين بلد مفتوح يرحب بزواره والفرص التي تأتي معهم، وبلد مغلق يسيء الظن بالناس ويعالج أمراضه جميعها بالبتر. و«هذي الكويت صل على النبي».

Dessert

عندما سألت عن كيف يستطيع البعض استضافة أصدقائهم في الكويت؟ قالوا لي «ندعوهم لزيارة عمل عن طريق شركاتنا ورخصنا التجارية»، يعني التفاف على قرارات الداخلية. إذن للمرة المليون، فإن العبرة من القرارات بنتائجها، وليس بنصوصها على الورق.