يطل علينا الفنان القدير عبد الحسين عبد الرضا هذه الأيام بعمل تلفزيوني لافت، يحمل عنوان «التنديل» ويضم نخبة من نجوم الخليج والكويت. كعادته، حرص «بوعدنان» على عرضه حصريًا عبر تلفزيون {الكويت}، فهو على علاقه وثيقة بجمهور بلده.

Ad

يمتلك العملاق عبد الرضا كاريزما خاصة في شخصيته الفنية، مكّنته من الوصول إلى قلوب الجماهير في الكويت ودول الخليج العربية، مما ساهم في مد جسر من التعاون الفني والثقافي بين تلك الدول. كذلك ساهم في تأسيس الكثير من مفردات الفعل الكوميدي، على المستوى الخليجي على وجه الخصوص. شارك في تكوين فرقة «المسرح العربي» أحد أعمدة المسارح الأهلية في الكويت، وفرقتي «المسرح الوطني» و{مسرح الفنون» وتعتبران من أوئل الفرق المسرحية الخاصة في الكويت.

الوقوف أمام زكي طليمات

لم يخطر ببال ذلك الشاب وهو يلج فرقة «المسرح العربي» أوائل الستينات أنه يقف أمام عميد المسرح العربي زكي طليمات، ليعلن رغبته في الانضمام إلى تلك الفرقة وتجربتها الرائدة، أو أن يصل الى تلك المكانة المرموقة، وهي مكانة لم ينلها بسهولة، بل عبر كثير من الكفاح والجهد والتعب، والأزمات القلبية المتتالية، التي تجاوزها بفضل صلوات أهله وجمهوره ومحبيه في أنحاء الوطن العربي الكبير.

بداياته

في بداياته قدم عبد الرضا مسرحيات «صقر قريش»، «ابو دلامة»، وتتابعت أعماله مع فرقة «المسرح العربي» ليقدم بعدها «مطلوب زوج حالا»، «دقت الساعة»، وغيرها من الأعمال الكوميدية التي رسخت حضوره في وجدان الجماهير، كنجم بارز في فضاء الكوميديا وأحد الأقطاب الذين ساهموا في زرع الابتسامة على وجوه الجماهير في منطقة الخليج العربية.

بصمات خالدة

عبد الرضا صاحب البصمات الخالدة في تاريخ الفن الكويتي، ويمكن وصفه بـ{مدرسة مفتوحة الأبواب» لجميع الأجيال والأعمار. وحده يمتلك المقدرة على تحريك مشاعر الجماهير فنياَ، بأدائه المتمكن الذي ينفرد به ، سواء على المستوى التراجيدي أو الكوميدي. تميز بأداء أدوار وشخصيات عدة، رجل الأعمال، التاجر، الاستاذ الجامعي، الرومنسي، الإسكافي، المطرب، الطبيب، صائد السمك، وأخيرا رئيس عمال في مسلسل «التنديل».

حاز في مشواره على الألقاب والجوائز، وكرمه جمهوره الذي لم يتوان عن الدعاء له في أزمته المرضية، عرف كيف يكون نجماً ومحبوباً في الوقت ذاته. سلك الطريق الصحيح إلى الفن حين التحق بالمسرح، وأدرك أن مواجهة الجمهور أصعب شيء في المجال الفني، وما يليها أسهل. كانت بدايته المحكمة، دافعاً قوياً الى أن يتجنب أية أعمال مبتذلة، أو أدوار لا ترقى إلى طموحه وموهبته، وكان متابعاً لجديد الفن، وناقداً شرساً لذاته. لم يكن مستغرباً، بالمزايا التي يمتلكها، أن يقلب موازين الكوميديا في الخليج رأساً على عقب، ويتربع على عرشها.

التأليف المسرحي

قدم عبد الرضا أكثر من 100 عمل بين مسرح وتلفزيون وإذاعة. خاض مجالات التأليف المسرحي والغنائي والتلحين. أحب الفن منذ صغره وعشق التلفزيون والمسرح، وكانت حياته الفنية مزيجاً من القلق والتوتر والعصبية. يذوب في أدواره ويعيش فيها ليصل إلى القمة ويتعامل مع الشخصيات التي نسجها المؤلف بانسجام تام، حتى لو كان العمل من تأليفه. أحب الفن بكل المشاعر والأحاسيس الصادقة التي يمتلكها، وحرص على أن يظهر كل عمل يؤديه في صورة مشرفة متكاملة، وجاء دخوله مجال الإنتاج لخدمة الأعمال التي مثّل فيها وأثراها بالخبرة والرعاية.

نبوغ مبكر

ظهر نبوغ عبد الرضا وشهرته الحقيقية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، مع سلسلة من الأعمال التلفزيونية والمسرحية، من أبرزها، «درب الزلق» المسلسل الذي ضم نخبة من النجوم في الكويت، من بينهم: سعد الفرج، خالد النفيسي، عبد العزيز النمش، علي المفيدي وغيرهم. بالإضافة الى مسرحية «باي باي لندن» التي كتبها نبيل بدران وأخرجها الفنان التونسي الكبير المنصف السويسي، وشاركه البطولة كل من مريم الغضبان، علي المفيدي، محمد جابر، غانم الصالح، داوود حسين، انتصار الشراح.

بوعدنان والمسرح

يعد عبد الرضا أحد مؤسسي فرقة «المسرح العربي» عام 1961، وكما ذكرنا تتلمذ في بداياته على يد الراحل زكي طليمات، وقدم أول عمل مسرحي «صقر قريش» في العام نفسه، وبعد تكوين فرقة «المسرح الوطني» مع رفيق دربه الفنان الكبير سعد الفرج، قدم عددا مهما من الأعمال المسرحية الكوميدية ذات الطرح السياسي الاجتماعي، من بينها «بني صامت». شارك بعدها في تأسيس «مسرح الفنون» ليقدم من خلاله مجموعة من الأعمال المسرحية ومنها «عزوبي السالمية»، كذلك شكل خلال مشواره مجموعة من الثنائيات الجميلة على مستوى المسرح والتلفزيون، وأشهرها مع الفنانين الكبيرين سعد الفرج وسعاد عبد الله، وقدم مع الأخيرة مجموعة من الأعمال الغنائية الدرامية، ما زالت الأجيال ترددها بما تحمل من بساطة وقيمة فنية.

تدرّج في الوظائف الحكومية، حتى منصب مراقب عام قسم الطبع في وزارة الإعلام، أسس عام 1976 فرقة «المسرح الوطني» كأول فرقة مسرحية في القطاع الخاص مع زميله سعد الفرج. عام 1984 أسس «مسرح الفنون»، كفرقة خاصة به.

التحرير

يُعد الغزو الغاشم حدثاً مؤلماً نتج منه الكثير من الأعمال الدرامية والمسرحية، وكان عبد الرضا أحد الفنانين القلائل الذين استطاعوا تجسيد تلك المحنة في عمل مسرحي وفني، فقدم مسرحية «سيف العرب» التي تعرّض على إثرها لمحاولة اغتيال عام 1992 أثناء عرض المسرحية. آخر مسرحية قدمها «قناص خيطان» عام 2003 وتعد أهم أعماله المسرحية.

التكريم

كرِّم عبد الرضا من الجهات الرسمية في الوطن العربي وحاز على جوائز وألقاب عدة منها: نجم المسرح الأول (1980) في الكويت، جائزة الريادة الأولى للمسرح (1987) في قرطاج في تونس، رائد المسرح العربي (1988) في القاهرة، شهادة تقدير من قاعدة الملك عبد العزيز الجوية لمناسبة مهرجان القاعدة الرمضاني الأول في المملكة العربية السعودية (1984)، جائزة سلطان العويس (1997) من الامارات العربية المتحدة، شخصية العام في الكثير من الاستفتاءات، جائزة تقدير من مهرجان الخليج للانتاج التلفزيوني في البحرين (1997) للدور الريادي في مجال العمل التلفزيوني قدمها جهاز تلفزيون الخليج، جائزة الدولة التقديرية في الكويت (1998)، جائزة تقدير من وزارة الثقافة الأردنية، مهرجان المسرح الأردني التاسع (2001)، جائزة الدولة التقديرية (2005) في الكويت، شهادة تكريم الرواد في مهرجان المسرح الخليجي الدورة التاسعة في دولة الكويت (4 -11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2006)، جائزة تكريم من جامعة الدول العربية، احتفالية تكريم اتحاد المنتجين العرب الذين أثروا العمل التلفزيوني بمسلسل «حبل المودة» (2006).

تجربة الغناء

قدم عبدالرضا أعمالاً غنائية مع سعاد عبد الله وآخرين، وله مشاركة مع حياة الفهد ضمن أغنية قُدمت إلى الرئيس الاميركي السابق جورج بوش عندما زار الكويت بعد التحرير.

التنديل

يستمتع عشاق الدراما الخليجية في رمضان هذه السنة بمتابعة مسلسل تراثي خليجي يرصد فترة من تاريخ الكويت ودول الخليج بعنوان «التنديل» مأخوذ عن قصة للكاتب فالح الهاجري، سيناريو فايز العامر، إخراج محمد دحام الشمري. يشارك في البطولة: عبد الحسين عبد الرضا، عبد العزيز جاسم، جاسم النبهان، إبراهيم الحربي، عبد المحسن النمر، يعقوب عبد الله، هيا شعيبي، شيماء سبت، ليلى السلمان، عبير الجندي، ملاك، مها حميد، فهد العبد المحسن، حمد ناصر، علي البريكي، حسن بورسلي، شهاب حاجية، نواف الشمري، خالد الحربي، عبد الله الباروني، عبد الله التركماني، أسامة مزيعل، عبد الله البدر، مبارك سلطان، مصطفى أشكناني، طاهر النجادة، عبد الله غلوم، محمد الشطي وأحلام حسن.

تدور الأحداث في ثلاثينيات القرن الماضي وأربعينياته، ويرصد فترة العمل في البحر والغوص إلى بداية ظهور النفط، وتتمحور حول قصة ذلك الرجل العصامي الذي كوّن نفسه من خلال العمل في البحر حتى أصبح تاجراً كبيراً. كانت السفن في ذلك الوقت شراعية، وكان البحارة في بعض الأحيان، بفعل الرياح، يعجزون عن مغادرة «بومباي» المدينة الهندية الشهيرة، أو أية بلدان أخرى يسافرون إليها، مدة تزيد على ستة أشهر، ما يضطرهم إلى العمل والمتاجرة داخل تلك المدن، قبل مغادرتها. تعني التنديل بالإنكليزية «تن» أي عشرة، و{ديل» تعني رئيس، أي رئيس لعشرة عمال.

العثرة

تعرّض النجم عبدالرضا لأزمة حادة تجاوزها بحمد الله إثر إصابته بـ{جلطة» نقل على إثرها للعلاج في ألمانيا وقضى فترة النقاهة بعيدا عن العمل الفني. كانت عودته أخيراً من خلال المسلسل الكوميدي «حبل المودة» الذي أسعد جمهوره الذي أمل أن تكون المحطات المقبلة أكثر تميزا في الإضافة الى رصيده ومشواره الفني الزاخر بالإنجازات والبصمات الفنية الخالدة.

من هو ؟

ولد عبدالرضا عام 1939 وترتيبه الخامس بين أخوته، متزوج وله خمسة أبناء. تلقى تعليمه في الكويت حتى مرحلة الثانوية، ثم سافر في بعثة الى جمهورية مصر العربية على نفقة وزارة الارشاد والانباء عام 1956 لتعلم فنون الطباعة. عام 1961 سافر في بعثة الى المانيا لاستكمال الدراسة في فنون الطباعة.

من أعماله

من المسلسلات التي أضافت إلى أرشيفه على مدى سنوات من العطاء والجهد وبرزت في أنحاء الدول العربية: «مذكرات بوعليوي»، «الصبر مفتاح الفرج»، «مواقف»، «عائلة بومريان»، «حاور زاور»، «الملقوف»، «أجلح وأملح»، «شرباكة»، «درب الزلق»، «الأقدار»، «درس خصوصي»، «قاصد خير»، «العتاوية»، «مرمر زماني»، «لن أمشي في طريق الأمس»، «عتيج» ، {زمان الإسكافي»، «ديوان السبيل»، «سوق المقاصيص»، «الحيالة»، «حبل المودة}، «قحصه ملحه»، وراهنا مسلسل «التنديل» 2008

من الأعمال المسرحية: «صقر قريش» عام 1961، «اغنم زمانك»، «من سبق لبق» ، «حط الطير طار الطير}، «القاضي راضي»، «كويت سنة 2000»، «الليلة يوصل محقان»، «صقر قريش»، «مطلوب زوج حالا}، «30 يوم حب»، «هالو دوللي»، «فرحة أمة»، «بني صامت»، «ضحية بيت العز»، «فرسان المناخ»، «هذا سيفوه»، «على هامان يا فرعون»، «باي باي لندن»، «باي باي عرب»، «عزوبي السالمية»، «سيف العرب»، «مراهق في الخمسين»، {قناص خيطان» ، «على الطاير».

كذلك قدم الأوبريت: «بساط الفقر»، «والله زمن»، «مداعبات قبل الزواج}، «مداعبات شهر العسل}، «بعد العسل».

له مجموعة من الأغنيات أداها سواء على خشبة المسرح أو في التلفزيون منها «أقرع مقيرع}، «الحقيني يا جاره»، «الدور»، «الله يا شين العمر»، «إنت حلو»، «باربي»، «حيا الله}، «سوق المقاصيص»، «قصتي»، «مقدمة مسابقة رمضان}، مقدمة مسلسل «قاصد خير».

أسطوانة مشروخة

تعرض إلى الكثير من الإشاعات ومس بعضها حياته الشخصية، ومنها أنه تزوج مرات من داخل الوسط الفني، أو أنه توفي وهو حي يرزق.

لا يأبه أبداً لتلك الإشاعات، لأنه وصل إلى مرحلة فنية وعمرية يصعب أن تؤثر فيها أقوال عابرة، ويتمنى أن يبتعد الناس والإعلام عن إشاعة أخبار كاذبة.