Ad

إن كان هناك من يتوقع بأن هناك عرساً قائماً في شهر مايو، فعليه أن يراجع حساباته، وعليه أن يدرك أن معركة قادمة ستكون هي الحاضنة للفعل الانتخابي، وسيستخدم فيها المرشحون وأنصارهم كل الأساليب للفوز بها. وهذه الحقيقة ليس فيها تشويه لمعنى ومقصد الانتخابات، بل هي رصد واقعي لأي انتخابات في أي مكان في العالم.

لا أعرف من الذي أطلق وصف العرس الديمقراطي على المعركة الانتخابية حتى أصبح مصطلح «العرس الديمقراطي» هو السائد استخداماً، ولا تجد مكانا للصفة الحقيقية لواقع الانتخابات.

فالانتخابات هي معركة ديمقراطية سلمية تأتي في سياق الأدوات السياسية المتاحة للمجتمع لاختيار من يمثله في السلطة التشريعية، وهي معركة حقيقية تظهر فيها على السطح الصراعات الموجودة داخل المجتمع، وطبيعة التباينات والاختلافات في الأفكار والاتجاهات والرؤى والمصالح، وهي بهذه الحال لا يمكن أن تكون عرساً على الإطلاق، وربما لا يوجد فيها شبه بالعرس إلا في الإضاءات الملونة والولائم الموزعة في مقار المرشحين.

وحيث إن حال الانتخابات كهذه، وهي كذلك، فإن الوسائل والأدوات التي يستخدمها أو قد يستخدمها المرشحون وأنصارهم قد تتجاوز حدود المشروعية، كما أنها قد تتجاوز الحدود الأخلاقية المتعارف عليها، فهي معركة لإقناع أكبر عدد من الناخبين باتخاذ قرار بالتصويت لهذا المرشح أو ذاك، وبقدر ما يتم الالتزام باللوائح المنظمة والقواعد الحاكمة للانتخابات، وعدم تجاوزها من كل الأطراف حكومة، وتيارات، وقوى اجتماعية، وأفرادا، بقدر ما تكون تلك الانتخابات شفافة ونزيهة ونظيفة، وكلما حدث تدخلات غير مشروعة من قوى رسمية أو غيرها فإننا حينها نتحدث عن انتخابات مشكوك فيها.

وأهم ما في الانتخابات ليس نتائجها فقط، ولكن مراقبة وفهم ودراسة التحولات والتفاعلات الاجتماعية، ففي الانتخابات فقط، وليس عبر الأحاديث المنمقة نستطيع أن نفهم طبيعة المجتمع والتغيرات التي طرأت عليه، والتحولات التي يمر بها.

كما أن الانتخابات، وهي فعل تراكمي بالضرورة، تقيس التغيرات في المزاج الشعبي العام في اللحظة التي تتم بها، وبالتالي هو مزاج متغير قد يُنتج هذه المرة شيئاً وقد يُنتج خلافه في انتخابات أخرى.

أما ما يبقى ثابتاً من الانتخابات في المجتمع فهو تعلم الناس كيفية إدارة شؤونهم وخلافاتهم ونزاعاتهم بطريقة سلمية، وقبول الربح والخسارة، وتقبل الرأي الآخر، والإذعان للتعددية وترسيخ المؤسسية، وهي مبادئ وقيم تتجاوز بمراحل أهمية من سيفوز ومن سيخسر.

وعلى هذا الأساس، فإن كان هناك من يتوقع بأن هناك عرساً قائماً في شهر مايو، فعليه أن يراجع حساباته، وعليه أن يدرك أن معركة قادمة ستكون هي الحاضنة للفعل الانتخابي، وسيستخدم فيها المرشحون وأنصارهم كل الأساليب للفوز بها.

وهذه الحقيقة ليس فيها تشويه لمعنى ومقصد الانتخابات، بل هي رصد واقعي لأي انتخابات في أي مكان في العالم، كما أن ذلك يعني أن هناك من سيفوز بالانتخابات، وهو مستحق لذلك الفوز بحكم الكفاءة، وفي المقابل فإن هناك من سيفوز وقد استخدم في سبيل فوزه كل الأساليب غير المشروعة.

هذه هي المعركة الانتخابية، وهذا هو شكلها، وهذا هو معتركها وعلى المرشح والناخب أن يختارا أي طريق يسلكان.