أعلن النائب ناصر الدويلة أنه لن يخوض الانتخابات القادمة، وقبله أعلن كل من علي الهاجري وجابر المحيلبي ورجا حجيلان عدم ترشحهم للسباق الانتخابي، والنواب الأربعة كلهم «قبليون» لم يزهدوا في المقعد النيابي، بل اتخذوا هذه المواقف بعد إدراكهم أن الحصول على ثقة الناخبين باتت ضربا من المستحيل بسبب مواقفهم السياسية خلال الفترة الماضية.

Ad

الدويلة «قتله» دفاعه المستميت عن الحكومة، والهاجري نحره موقفه في اللجنة التشريعية خلال مناقشتها قانون إسقاط فوائد القروض، أما المحيلبي فإن بياته الشتوي والصيفي خلال دور الانعقاد الماضي كاد أن ينسينا شكله أصلا، فيما قص حجيلان الحق من نفسه بعد أن استمات للحصول على حقيبة وزارية لم يحملها لكن الحلم بها كلفه الكثير.

لا أستطيع أن أخفي سعادتي بما حدث، لا لكون النواب الأربعة سيغادرون المسرح السياسي خصوصا أن اثنين منهم في دائرتي الانتخابية، بل لأنهم أدركوا أن ناخبي دوائرهم ليسوا «ممشاشة زفر» أو عتبات سلم يصلون عبرها إلى أهدافهم التي تحقق مصالحهم، ومن ثم الضرب بالناخبين عرض الحائط، لذلك أراحوا واستراحوا.

في السنوات القليلة الماضية تحديدا، وعدا مشاري العنجري وصالح الفضالة- ليس خوفا من السقوط- لم نسمع أن أربعة نواب سابقين دفعة واحدة قرروا عدم خوض الانتخابات توجساً من محاسبة الناخبين ونقمتهم، وهو ما قد يعد مؤشرا على أن سياسة الثواب والعقاب «الانتخابي» أكثر تفعيلا في المناطق الخارجية منها في الداخل، وبالتالي فإن ذلك يعكس وعيا وثقافة سياسية متقدمة ونضوجا في ممارسة حق التصويت والاختيار.

في الأغلب تكون نسبة المشاركة في العملية الديمقراطية أعلى في المناطق الخارجية منها في المناطق الداخلية، وهذا مؤشر على أن أبناء القبائل باتوا أكثر تمسكا بالديمقراطية من غيرهم، لأسباب تتعلق بالحقوق والواجبات الوطنية كتبنا عنها في السابق، والدليل أن أشد الدعوات الرافضة لأي خيار سياسي خارج إطار الدستور في الفترة الأخيرة، صدرت من نواب قبليين أو من مؤسسات المجتمع المدني التي يقودها نقابيون أو رؤساء من أبناء المناطق الخارجية.

عموما فإن الممارسة الديمقراطية لدى أبناء القبائل ستكون أكثر إيجابية في مخرجاتها الانتخابية، عبر صهر تلك المخرجات في وعاء أشمل وهو المصلحة الوطنية قبل كل شيء، لو استطاعت كسر حاجز «الفرعيات» الذي يسيء إلى القبيلة قبل غيرها.

المروجون لهذه الانتخابات يقولون إن محاربة الحكومة للفرعيات هو استهداف لأبناء القبائل، وهذا كلام باطل جملة وتفصيلا، فلو لم يتم إجراء الفرعي في الدائرتين الخامسة والرابعة مثلا فإن من سينجح هم أبناء قبائل أيضا، نعم قد تختلف نسبة التمثيل بين القبائل في تلكما الدائرتين ولكن كل من سينجح في النهاية هم قبليون.

يا أبناء القبائل، ياشبابها، يا أملها، اسألوا أنفسكم، ما المشكلة أن ينخفض تمثيل «الرشايدة» أو «العجمان» أو «المطران» أو «العوازم» في هذه الدائرة أو تلك، مادام من نجح بدلا عنه هو جاري أو صهري «الظفيري» أو «الشمري» أو «العتيبي» أو من أي قبيلة كانت... كلنا إخوة وشركاء في الوطن، يجمعنا حب الكويت، وتوشك أن تفرقنا دعوات جاهلية، أثارت البغضاء والضغائن بين أبناء القبيلة الواحدة والوطن الواحد.