ليس لموضوع «الوطنية» علاقة بما تكتبه التقارير الدولية، وما تثيره من قضايا حقوق الإنسان في الكويت، لذلك فإن النفاق الذي يمارسه بعضهم في نقده اللاذع وغير المبرر لمنظمات دولية مهنية لا يمكن تفسيره، إلا كونه استهلاكاً محلياً مكشوفاً. أول العمود: الناس تشعر باكتئاب... «لأن حال البلد واقف»، كما يقول سمو رئيس مجلس الوزراء.
***
إعلان وكيل وزارة الداخلية المساعد للجنسية والجوازات عن نيته تشكيل لجنة حكومية لحقوق الإنسان تكون مهمتها الرد على التقارير الدولية وما تثيره من قضايا حقوق الخدم والاتجار بالبشر وتشغيل الأطفال ونظام الكفيل، هو إعلان تكرر على لسان أكثر من مسؤول سابق منذ مطلع التسعينيات. وقد جرت محاولات كثيرة، وفي أكثر من وزارة لتشكيل مثل هذه اللجان لتكون حلقة وصل بين الأجهزة الحكومية والمنظمات الخارجية، ولنا حول هذه القضية ملاحظات هي كالتالي:
أولاً: يجب ألا تسود روح النقد المضاد لما يكتب عن الكويت من قبل المنظمات الحقوقية. فالمنظمات الدولية ليست كيانات سياسية لها أطماع وخلافات مع الكويت، إذ إن جل ما تتناوله التقارير من قضايا يدور حول وصف أوضاع محددة بشواهد؛ إما أن تكون صحيحة فتتطلب الإصلاح، وإما مشوهة فتحتاج إلى تصحيح.
وليس لموضوع «الوطنية» علاقة بما تكتبه تلك التقارير، وعليه فإن النفاق الذي يمارسه بعضهم في نقده اللاذع وغير المبرر لمنظمات دولية مهنية لا يمكن تفسيره، إلا كونه استهلاكاً محلياً مكشوفاً فنتمنى ألا تكون الروح الوطنية مجالاً للمزايدات.
وثانيا: إن تجارب الأجهزة الحكومية السابقة في إنشاء لجان حكومية لم تأتِ بالهدف المطلوب في مجال التعامل والتفاعل مع المنظمات الحقوقية المهنية، واختصاراً للجهود والوقت، فإن على الحكومة أو مجلس الأمة أن يبادرا إلى اقتراح وسن تشريع يؤسس لهيئة وطنية مستقلة إدارياً ومالياً، على غرار نموذج ديوان المحاسبة، تتولى رعاية ملف حقوق الإنسان، كونه موضوعاً ذا صلة بالتنمية المستدامة وليس فقط جهازاً للرد على تقرير هنا وبيان صحفي هناك،
ويزاد على ذلك، ضرورة دعم فكرة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لتكون جهازاً يقدم الحلول ويراقب سير أعمال الأجهزة الحكومية بحيث تكون له سلطات واسعة في المحاسبة، ومن غير ذلك فلن يكون هناك «ملف نظيف» لحقوق الإنسان في الكويت.