مبارك - نصر الله... كلمة أخيرة

نشر في 15-05-2009
آخر تحديث 15-05-2009 | 00:00
 د. محمد لطفـي ليس المطلوب أن نكون مع أو ضد أشخاص، ولكن مع الحقيقة وضد الكذب والخداع، سواء كانت هذه الحقيقة مؤلمة لهذا الطرف أو ذاك، فما يعني المواطن هو أن يعرف الحقيقة ولا يغشه نظام هنا يسعى إلى تبرير موقفه، أو حركة هناك تدعو لتبني آرائها، فالحقيقة وحدها هي هدف القارئ وضالة المؤمن.

بعد ثلاث مقالات حول خلية «حزب الله» التي تم اكتشافها في مصر، والعلاقة بين مصر و«حزب الله» والخلاف بين الرئيس مبارك والأمين العام لـ«حزب الله» حول منهجية الصراع مع إسرائيل تبقى بعض الملاحظات الأخيرة:

تختلف نظرة القراء حول هذا الموضوع اختلافا كبيرا، فمازال الكثيرون ينظرون إلى الخلاف من زاوية شخصية، ويرونه خلافا بين أفراد، ويميلون إلى تصديق وتكذيب الأنباء تبعا لرؤيتهم للشخص ذاته وليس لما يقوله أو يفعله. أي أن القضية بالنسبة إليهم هي مع أو ضد أشخاص، وليست مع أو ضد آراء وأفكار، وهذا أحد العيوب الأساسية في المناقشة والنقد.

فالنظرة العاطفية للأمور على أساس علاقتك أو حبك للشخص ذاته تجعل رأيك بعيدا عن حقيقة الفعل الذي قام به، وهذا مخالف ليس فقط للمنهج الفكري الليبرالي الذي لا يقدس أفرادا ولا العلاقات الإنسانية الحيادية، بل هو مخالف أيضا للحكمة التي تقول «صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقَك»، وكذلك للتعاليم الإسلامية التي طالبنا بها الرسول الكريم حين أمرنا بنصرة الأخ ظالما ومظلوما، وعندما سأله الصحابة عن نصرة الظالم أجاب برده عن الظلم، وليس بتأييد ظلمه والسير وراءه لا لشيء إلا كونه أخاك أو صديقك أو رئيسك، فالنصرة تكون بتذكيره بالحقيقة والالتزام بها وتوضيحها له وليس تأييده «عمال على بطال» كما يقولون.

مازالت آراء القراء متفاوتة ومختلفة– وهذا أمر جميل وصحي- ولكنها اختلافات على أساس العاطفة، فالبعض يرفض تبريرات «حزب الله» لأنه يحب مصر، ويوافق على ما يقوله النظام المصري أيا كان ما يقوله، والبعض يرفض الاتهامات لا لشيء إلا لأنه معجب بالأمين العام لـ«حزب الله» وبأداء الحزب في العقد الأخير... فهل هذا معقول؟

إن القضية الأساسية هي ما يقوله كلا الطرفين وعرض ذلك على العقل والمنطق السليم، فإن وافق العقل واتفق مع الفكر فهو حديث صادق لا كذب فيه ولا ادعاء، وإن كان مخالفا فلا يجب أن يقبله أو يؤيده أحد مهما كان اتجاه عاطفته وشدة رياحها.

لن أزيد كثيرا، فالأمور واضحة لا لبس فيها وليس المطلوب أن نكون مع أو ضد أشخاص، ولكن مع الحقيقة وضد الكذب والخداع، سواء كانت هذه الحقيقة مؤلمة لهذا الطرف أو ذاك، فما يعني المواطن هو أن يعرف الحقيقة ولا يغشه نظام هنا يسعى إلى تبرير موقفه، أو حركة هناك تدعو لتبني آرائها، فالحقيقة وحدها– بعيدا عن العاطفة- هي هدف القارئ وضالة المؤمن، ولنترك التحقيقات تأخذ مجراها وتصل إلى منتهاها (بالأمس القريب تم الإفراج عن ثلاثة متهمين بينهم المتهم الثاني في القضية) ومع نهايتها ستتضح كل الحقائق.

وعلى الجانب الإعلامي فإنه سيمر بفترات صخب وهدوء تبعا للوضع السياسي المصري، فإذا كان هناك أمر يود النظام إبعاد نظر الشعب عنه فإن نبرة الحديث سترتفع والصخب سيعلو حول قضية «حزب الله» وإن كانت الأمور السياسية مستقرة والوضع هادئ فسيقل الحديث وتصمت الضوضاء، ومرة أخرى لننتظر ونشاهد.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top