أطول انتخابات في التاريخ!

نشر في 01-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 01-06-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار هناك إحساس سائد بأن انتخابات 2008 هي أطول انتخابات مرت على الحياة السياسية في الكويت، وهو إحساس لا يستند إلى عدد الأيام ولكن إلى طبيعة الأحداث والإثارة التي سادت العملية الانتخابية حتى أننا مازلنا نعيش في أجوائها مع أن نتائج الانتخابات قد تم إعلانها، ومن المفترض أن يعقد مجلس الأمة جلسته الأولى اليوم.

فقد أسهمت الدوائر الخمس، والتصويت الرباعي، والتكثيف الإعلامي، وبروز الدور الحكومي، وارتباك التحالفات، ودور المرأة، والإجراءات الجديدة في فرز وتجميع الأصوات، والمال السياسي، وغيرها من العوامل، إلى أن انتخاباتنا هذه قد تجاوزت في مداها الزمني فترة الستين يوما.

ولا يبدو أن تداعيات الانتخابات قد انتهت، فهناك معركة رئاسة بنكهة جديدة سيتم خوضها اليوم، وهي ليست تقليدية هذه المرة، ولعلي أتذكر جيدا حضوري جلسة مجلس الأمة بعد انتخابات 1996، حيث كانت واحدة من أطول الجلسات فقد امتدت إلى أكثر من 12 ساعة متواصلة ثم أحيلت النتائج إلى المحكمة الدستورية بسبب خلاف حول تفسير التصويت، وأكدت حينها المحكمة الدستورية رأيها بحساب اختلاف التصويت لمصلحة أحمد السعدون، أما وأن أحمد السعدون قد أعلن انسحابه لمصلحة عبدالله الرومي فإنه من المحتمل أن تشهد انتخابات الرئاسة أسلوبا ونمطا بعيداً عن النمط التقليدي الذي اعتدناه.

إلا أن العنصر المهم في تداعيات انتخاباتنا هذه السنة هو حجم الطعون المقدمة التي تفاوتت مطالبها من الأقصى والجذري الدافع بعدم دستورية الدوائر الخمس، إلى الطعن بالانتخابات برمتها وإعادتها سواء بكل الدوائر أو في دائرة بعينها أو في إعادة فتح الصناديق وإعادة الفرز، أو الاكتفاء بإعادة تجميع الأصوات من واقع محاضر الفرز، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التقدم بطعون بهذا الحجم والعدد، كما أنها المرة الأولى التي تخلو فيها الطعون من الدعاوى التقليدية الخاصة بالطعن بأسماء الناخبين.

وهي المرة الأولى التي يكون فيها ضمن الطاعنين نواب فازوا في الانتخابات مطالبين باستعادة أصوات لهم لم يتم إدراجها في النتائج المعلنة. وعلى افتراض أن تلك الطعون تم قبولها كلها أو بعضها، ومن ثم صدرت أحكام قضائية، ترتب عليها سقوط بعض من نجحوا، وفوز بعض من خسروا، فإن هذا يعني أن الانتخابات لم تنته بعد، وأننا مازلنا بانتظار نتائج جديدة، وفي حالة حدوث ذلك فما مصير النواب الذين خسروا، والتكييف القانوني لأصواتهم في انتخابات الرئاسة أو اللجان التي ستجرى اليوم.

ومن غرائب هذه الانتخابات أيضا إعلان نائب أو اثنين مقاطعتهما لجلسة الافتتاح بحجة مخالفة الوزيرتين لقانون الانتخاب، في حين أنه أو أنهما لم يفعلا أي شيء في هذا الاتجاه في أثناء الانتخابات نفسها، أي أنهما لم يعترضا على ذلك رسميا، بل تركا ذلك الأمر لما بعد الفوز ليثبتا أن للموضوع أبعاده السياسية والإعلامية ولا علاقة له بجوانب شرعية على الإطلاق.

وبغض النظر إلى أين ستتجه الأمور فإن نواب المجلس سيواجهون في أيامهم الأولى معضلة الطلبات الكثيرة لرفع الحصانة عن النواب، وهي قد تكون أيضا من سوابق هذا المجلس، وعلى المجلس أن يتعامل معها بشفافية وحصافة وألا يرفضها كعادته، أو أن يتم التعامل معها في العطلة الصيفية حين تكون الحصانة مرفوعة عن النواب، والتي قد يكون منها قضايا تسقط بموجبها العضوية.

أينما اتجهت الرياح فإن الأزمة القائمة في الضعف الهيكلي لطرفي المعادلة الحكومة والمجلس مازالت هي هي، ومهما علت أصوات النواب، ومهما ارتفعت تأكيدات الحكومة بالكفاءة وحسن الأداء، فإن مشكلة الانكشاف السياسي والضعف المزمن مستمرة ولا يمكن إصلاحها إلا باستراحة محارب، والتقاط أنفاس، وحوار جاد صادق بين كل الأطراف لعل وعسى ننقذ سفينتنا من الغرق الوشيك.

back to top