دور رعاية المسنين... هل تقدم الرعاية المطلوبة؟ العنف ضد المسنين جريمة في القانون الإنساني قبل الوضعي

نشر في 22-08-2008 | 00:00
آخر تحديث 22-08-2008 | 00:00
تعرض المسنون للعنف الأسري الذي تكشف عنه الأوساط الاجتماعية أكثر من الإحصائيات الرسمية، إذ إن معظم حالات العنف لا يبلّغ عنها لأسباب اجتماعية، لكن كيف تعامل القانون مع هذه الجريمة؟ وهل العقوبات كافية لردع الابن العاق عن المساس بالسلامة النفسية والبدنية لوالديه؟

تشير إحصائيات دول العالم والدول المجاورة إلى ارتفاع نسبة العنف الأسري على المسنين، وتتنوع حالات العنف بين العنف اللفظي المعنوي والعنف الجسدي المادي، حتى يصل الأمر إلى الطرد من المنزل.

أما في الكويت فهل توجد إحصائيات تيبن نسب الاعتداء على المسنين؟ وإن وجدت فهل ستعبر عن الواقع بشكل دقيق؟

إن معظم حالات الاعتداء على المسنين تتم في الكتمان ولا يبلغ عنها، وتظل حالات قليلة نقرأ عنها في صفحات الحوادث، وهي؛ شكوى لأب توجه إلى المخفر وأبلغ عن ضرب ابنته له، أو شكوى لأم أبلغت عن ضرب ابنها العاق لها، ولكن يظل الوضع القائم في الكويت لا يختلف كثيراً عن الوضع في بقية دول العالم، فالمسنون يتعرضون بالفعل للاعتداءات المتكررة التي تكشف عنها الأوساط الاجتماعية أكثر مما تبينه الإحصائيات الرسمية.

إن المخجل في حوادث العنف على المسنين أنها تتم على أيدي أقرب الناس لهم، فنجد بعض الأبناء الذين تجردوا من إنسانيتهم يُعَنفون بالضرب والاساءة اللفظية التي تحط من كرامة الوالدين، وتُنزل من معنوياتهم التي هي بالكاد مستقرة بسبب عامل السن، والذي في حد ذاته يخل بالعديد من وظائف الجسم والذهن للمسن.

وبعيدا عن أسباب ودوافع الاعتداء على المسنين، الذي لا تبرره أي حجة أو ذريعة، نتوجه إلى القانون وكيف تعامل مع هذه الجريمة المشينة ومرتكبيها الذين يفتقرون إلى الحس الإنساني والشعور بالمسؤولية تجاه الوالدين العاجزين، الذين سلبهم سنهم القوة والعافية التي اعتادوا عليها في شبابهم.

القانون والاعتداء على المسنين

إن حق الحياة وحق سلامة الجسم هما جل اهتمام قانون الجزاء الذي جرم الضرب والجرح والإيذاء العمدي، وأيضا الإصابة الناتجة عن الخطأ.

وقد شمل المشرع الكويتي كبار السن في رعايته حينما أفرد لهم في قانون الجزاء نصاً يقضي بحمايتهم لسنهم، إذ يُعاقب كل مسؤول عن رعاية شخص عاجز عن الحصول على ضروريات الحياة بسبب سنّه أو مرضه أو اختلال عقله، وأدى امتناعه عن رعاية العاجز إلى وفاته أو إصابته بأذى حسب قصد الجاني وجسامة الإصابات، فهنا تأتي الحماية للعاجز بسبب سنّه لتشمل كلا من: الطفل الصغير والمسن الذي يصل إلى مرحلة الشيخوخة.

الضرب أو الجرح أو الإيذاء العمد

أيا كان الدافع من وراء الاعتداء على المسنين، سواء بقصد الانتقام أو حتى الشفقة والرغبة في تخليص المسن من معاناته، فإن القانون يجرم أفعال العنف المتعمدة كالضرب والجرح والإيذاء، وهي أفعال مجرمة بشكل عام، أيا كان شخص الجاني أو المجني عليه، فلا يُشترط في الضحية توافر سن معينة ولا في المجرم واجب الرعاية من عدمه، فكل إخلال بحرمة جسم الإنسان يعد أمراً محرماً بحكم الفطرة والقانون.

فالضرب والجرح والإيذاء البسيط، الذي يسبب إيلاما وقتيا للضحية، كما في لطم الابن أباه أوركله أو لي ذراعه، فيعاقب عليه القانون بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تتجاوز 300 روبية، أو إحدى هاتين العقوبتين.

أما إذا أدى التعدي إلى الإصابة بآلام بدنية شديدة، تفضي إلى العجز عن استخدام عضو أو أكثر على نحو معتاد لمدة تزيد على 30 يوما، فتصل العقوبة إلى الحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات، وغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف روبية، أو إحدى هاتين العقوبتين.

وإذا أفضى الاعتداء إلى إحداث أذى بليغ، كما لو تم استخدام أداة حادة، أو مناولة مادة مخدرة أدت إلى وصول الضحية لدرجة الموت من دون حدوثه، أو إذا نتج عن العنف حدوث عاهة مستديمة، كما لو لطم الابن أباه فأفقده سمعه، أو إذا أفضى الضرب إلى الموت ولكن من دون قصد، كما لو بالغ الابن في ضرب أباه الشيخ حتى أزهق روحه، فإن العقوبة تصل إلى الحبس مدة لا تتجاوز 10 سنوات، ويجوز إضافة غرامة لا تتجاوز عشرة آلاف روبية، والحبس في هذه الحالة وجوبياً ولا يُستعاض عنه بالغرامة، وإنما يمكن إضافتها.

هل العقوبات كافية؟

بالنظر إلى العقوبات التي أوردها قانون الجزاء حينما جرم العنف بدرجاته من البسيط إلى المفضي إلى الموت، نجدها عقوبات تتناسب مع الجرم، ولكن التساؤل يثور حول سبب استمرار العنف الأسري على المسنين برغم وجود نصوص رادعة.

إن الإجابة عن هذا التساؤل تخرجنا من النطاق العقابي إلى النطاق الاجتماعي الذي تتميز به هذه الجرائم، فالعنف على المسنين جريمة اجتماعية تمس سمعة الأسرة إلى جانب المساس بسلامة المسن الجسدية والنفسية. هذا، ولا يمكن نفي الرابط العاطفي الذي يكنه المسن لشخص المعتدي وهو الابن أو الابنة، فيخشى المسن عليهما أكثر من خشيته على نفسه وسلامة روحه، كذلك فإن المسن قد يخشى مجرد التذمر من الوضع، ليكون مصيره دور الرعاية التي تفتقر إلى الرعاية الحقيقة، لذا نجده يؤثر تحمل الاعتداءات النفسية والبدنية المتكررة في مقابل بقائه بين أسرته ونظره إلى أبنائه الذين هم من صلبه، حتى وإن أساءوا إليه.

أخيراً، لأن العنف على المسنين جريمة بمقتضى القانون الطبيعي قبل إيجاد القانون الوضعي، فإن مواجهتها لابد أن تكون في إطار أخلاقي وتربوي، مستمد من التنشئة والبيئة المحيطة، ويكون دور قانون الجزاء بمنزلة المكمل والمؤكد حرمة المساس بالسلامة النفسية والبدنية للإنسان بشكل عام، والمسن بشكل خاص.

القتل والإصابة الخطأ

أما حالات القتل والإصابة الخطأ، التي تكون نتيجة إهمال أو عدم الاحتياط أو الرعونة، كما لو أعطى الابن أباه جرعة دواء زائدة من دون قراءته للوصفة، فالعقوبة تكون بمقدار الضرر، ففي حالة الجرح أو إلحاق الأذى المحسوس أيا كانت درجته، فإن العقوبة تكون الحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة، وغرامة لا تتجاوز ألف روبية، أو إحدى هاتين العقوبتين، أما في حالة القتل الخطأ فتصل العقوبة إلى الحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وغرامة لا تتجاوز ثلاثة آلاف روبية، أو إحدى هاتين العقوبين.

back to top