رسائل المرشحين الأخيرة: قصائد وتملق وبكائيات وفزعة... تكفون
«تكفون يا جماعة»...؟
تعبر هذه الرسالة عن الرمق الأخير للمرشح، لأنها تمثل منتهى التوسل للناخب، وهي تظهر في الربع الاخير من زمن الاقتراع، بين الخامسة والثامنة مساء، عندما يشعر المرشح أن مؤشرات التصويت لا تسير لمصلحته، وقبل الوصول الى هذه المرحلة يمر بمستويات عدة من التودد للناخب، تبدأ من «توكلنا على الله وبه نستعين» وهي الرسالة الاولى، وتصل الى الناخب في الصباح الباكر، قبل فتح باب التصويت، ومن الواضح أبعادها الايمانية الدينية، ومثلها الرسالة التالية «الأيدي المتوضئة لا تكتب غير شهادة الحق»..؟ ثم يبدأ اللعب على وتر «الوطنية»...مع نبرة خفيفة من التملق «أنا منكم ولكم، اليوم يومكم يا أهل الكويت لدعم ولدكم» كما يحصل في برامج الواقع التي ازدهرت في الفضائيات، ويفوز فيها المتسابق بفضل التصويت، والى ما بعد الظهر، يتحول «المقام» الى مقال آخر، «اليوم يومكم يا هل الفزعات يالنشامى» ثم يبدأ استنهاض القبيلة بأبيات من الشعر، تتضمن أسماء بعض «فخوذ» القبيلة ومآثرها: ما ضاق منله محزمن حزة الضيق اللي ربوعهف اللزم يسندونه انتو هل الطولات انتو المرازيق عز الرفيق اللي يحامون دونه ويتم اللعب حتى على أوتار الطائفية في حالات الفزع من الفشل ببكائية من نوع «يا هل السنة ترى الشيعة كلونا» ثم يتبعها بعبارة «انشر تؤجر»...وكيف ستؤجر...وممن، غير معروف؟ وبما أن النساء أصبحن العنصر الحاسم في الانتخابات، انتشرت رسائل هاتفية كثيرة ومنوعة من مرشحين يشعرون بالغرق في الانتخابات، كلها تدور حول ضرورة تحفيز النساء إلى مقار الانتخاب. مثل «آخر المعلومات يوجد تخلف بحضور النساء يرجى الاهتمام يا النشامى»...أو «تكفون يا أهل الفزعات حضروا النسوان» ورسالة قلقة «يا اخواني حضور النساء ضروري ومؤثر حثوهم على الحضور» ويبلغ الأمر حد البكائيات «تكفون يا ربعنا ما بقى شي، حضروا لنا النساء»! وقد لا يعلم بعض المرشحين أن صيغة بعض الرسائل منفرة، لاسيما عند الالحاح بصورة مزعجة، وإن كانت مفيدة لشركات الاتصالات المستفيدة ماديا، والتي تتقاضى بين 950 و 1200 دينار نظير الرسالة الواحدة التي ترسلها الى ناخبي الدائرة مرة واحدة، لكنها تغضب الناخب بالاصرار الفج، وفي ساعات متأخرة من الليل، عندما يكون الشخص نائماً، ويكون الأمر أكثر إزعاجا عند وصول الرسالة الى شخص غير كويتي، عربي أو أجنبي، عليه أن يتحمل رسائل المرشحين، رغم انه لا يستطيع التصويت في الانتخابات! ويبدو أن كلمة «فزعة» ذات أثر فعال، لأن بعض المرشحين يستخدمها بأكثر من صورة، الى درجة إذلال نفسه «أمي وأبوي، أختي وأخوي، بنتي وإبني، محتاج فزعتكم» علما ان كلمة «فزعة» ينبغي أن تستخدم وفق توقيت صارم، إذ يجب أن تظهر في أوقات الذروة، عندما يكون المرشح في وضع محرج، خصوصا عند إلحاقها بكلمة «تكفون» لأنها تنطوي على تملق شديد واذلال للنفس «تكفون الفزعة لا تنسون اخوكم»...وبالطبع ستنقلب الآية عند نجاح المرشح، لأن الناخب سيحتاج الى «فزعة» كي يحظى بدقائق معدودات مع عضو مجلس الأمة، الذي سيتحول الى... «ظاهرة صوتية»!